|
شُيُوخُ الذُّلِّ فِي زَمَنِ الْعَبِيدِ |
نِعَاجٌ فِي الْحَظِيرَةِ مِنْ عُهُودِ |
رِجَالٌ كَالنِّسَاءِ وَلَسْنَ مِنْهُمْ |
فَأَرْجَلُ مِنْهُمُ ذَاتُ النُّهُودِ |
تُطَارِدُهُمْ فِعَالُهُمُ بِلَيْلٍ |
وَعِنْدَ الصُّبْحِ أَنْجَاسُ الْمُهُودِ |
فَكَالطِّفْلِ الَّذِي يَلْهُو جُنُونًا |
عَلَى ضَعْفٍ وَيَنْعَسُ فِي بُرُودِ |
أَضَاعُوا أُمَّةً وَبَكَوْا عَلَيْهَا |
دُمُوعَ الْعَارِ وَالذُّلِّ الْمَدِيدِ |
يُحَاكُونَ الْقُرُودِ عَلَى حِبَالٍ |
وَعِنْدَ اللَّيْلِ فِي قَفَصِ الْقُرُودِ |
وَهُمْ صَيْدٌ عَلَى جُثَثِ الْفَتَاوَى |
لِكُلِّ شِبَاكِ شَيْطَانٍ مَرِيدِ |
فَلَيْسَ هُنَاكَ مِنْ رَجُلٍ شَرِيفٍ |
وَلَيْسَ هُنَاكَ ذُو عَقْلٍ رَشِيدِ |
وَلَكِنْ ثَمَّ مَنْ يَدْعُو بِوَصْلٍ |
وَعِشْقٍ لِلنَّصَارَى وَالْيَهُودِ |
يَهِيمُ إِلَى الْمَلاهِي كُلَّ لَيْلٍ |
وَيُصْبِحُ بَيْنَ مِزْمَارٍ وَعُودِ |
يَبِيتُ مَعَ الْغَوَانِي حَيْثُ بَاتَتْ |
عَلَى شَبَعٍ وَيَصْحُو فِي الْمَزِيدِ |
أَصَمُّ عَنِ الْحَقِيقَةِ لَيْسَ يَدْرِي |
عَلَى جَهْلٍ قَدِيمًا مِنْ جَدِيدِ |
وَأَبْكَمُ لا يَقُولُ بِغَيْرِ أَمْرٍ |
لِسُلْطَانٍ جَهُولٍ أَوْ حَقُودِ |
وَأَعْمَى الْقَلْبِ فِي قَوْلٍ وَفِعْلٍ |
سَفِيهٌ فِي السُّؤَالِ وَفِي الرُّدُودِ |
يُحِبُّ بِيَادَةً وَيَهِيمُ فِيهَا |
وَيَمْسَحُ جِلْدَهَا فَوْقَ الْخُدُودِ |
وَيَلْعَقُ أَرْجُلاً وَيَبُوسُ أُخْرَى |
ذَلِيلاً لِلْقَرِيبِ وَلِلْبَعِيدِ |
وَيَنْكَأُ جُرْحَ أَوْطَانٍ وَيُمْسِي |
عَلَى دَمِهَا وَيَلْحَسُ فِي الصَّدِيدِ |
إِذَا مَا كُنْتِ يَا دُنْيَا بِذُلٍّ |
فَخَيْرٌ مِنْكِ مَوْتٌ لِلأُسُودِ |
وَدَاءُ الْمَوْتِ فِي زَمَنٍ حَزِينٍ |
دَوَاءٌ فِي حَيَاةٍ لِلسَّعِيدِ |
فَيَا لَيْلَ الْبَلاءِ كَفَاكَ ظُلْمًا |
وَعُدْوَانًا عَلَى شَعْبٍ قَعِيدِ |
غَدًا يَا لَيْلُ مِنْ دَمْعِ الضَّحَايَا |
تَدُبُّ الرُّوحُ فِي الْجَسَدِ الْبَلِيدِ |
فَنُشْعِلُ فِيكَ جَمْرَ الثَّأْرِ نَارًا |
تَذُوبُ مِنَ الْعِظَامِ إِلَى الْجُلُودِ |
فَإِنَّا نَشْرَبُ الْمَاءَ الْمُصَفَّى |
وَلَمْ نَشْرَبْ مِنَ الْمَاءِ الرَّكُودِ |
وَإِنَّا مَعْشَرٌ عَاشُوا كِرَامًا |
وَمَاتُوا مَوْتَ عِزٍّ فِي صُمُودِ |
وَلَمْ يَرْضَوْا مِنَ الدُّنْيَا بِذُلٍّ |
وَتُرْضِيهِمْ حَيَاةٌ فِي اللُّحُودِ |
أَلِفْنَا الْمَوْتَ فِي الْبَيْدَاءِ حَرًّا |
عَلَى عَطَشٍ وَلَمْ نَرْكَنْ لِبِيدِ |
وَلَمْ نَخْضَعْ لِسَيْفٍ أَوْ لِرُمْحٍ |
وَنَخْضَعُ فِي الرُّكُوعِ وَفِي السُّجُودِ |
رَجَوْنَا فِي الْحَيَاةِ جَزَاءَ رَبٍّ |
عَزِيزٍ قَادِرٍ عَدْلٍ وَدُودِ |
تَنَادَيْنَا إِلَى جَنَّاتِ رَبٍّ |
عَفُوٍّ عَاصِمٍ حَقٍّ حَمِيدِ |
وَنَضْرِبُ حِينَ نَضْرِبُ عَنْ يَقِينٍ |
فَلا نَدْرِي نُحُوسًا مِنْ سُعُودِ |
إِذَا مَا كُنْتَ ذَا حَقٍّ فَكُنْ ذَا |
يَقِينٍ فِي الْمُرَادِ وَفِي الْمُرِيدِ |
وَإِنْ جَاءَتْكَ أَهْوَالٌ عِظَامٌ |
فَكُنْ صَلْبًا وَذَا رَأْيٍ سَدِيدِ |
وَعِشْ جَلْدًا وَلا تَجْزَعْ لِمَوْتٍ |
وَمُتْ صَبْرًا عَلَى الألَمِ الشَّدِيدِ |
وَكُنْ ذَا هِمَّةٍ لَيْثًا جَسُورًا |
تُرَابِطُ لِلْعَدُوِّ وَلِلْحَسُودِ |
فَإِنَّ الْمَوْتَ سَهْمٌ لا يُبَالِي |
وَلَيْسَ عَنِ الإِصَابَةِ مِنْ مَحِيدِ |
نَسُوقُ الرُّوحَ لِلْفِرْدَوْسِ سَوْقًا |
وَنَسْقِيهَا الْمَنِيَّةَ فِي الْحَدِيدِ |
فَلَمْ نَجْزَعْ لِسِجْنٍ أَوْ قِتَالٍ |
وَلَمْ نَهْرُبْ مِنَ الْمَوْتِ الأكِيدِ |
عَلَى لَهَفٍ نَمُدُّ الطَّرْفَ شَوْقًا |
إِلَى الْمَوْتَى وَنَسْعَى لِلْخُلُودِ |
وَنَطْوِي الأَرْضَ وَالآفَاقَ طَيًّا |
وَيَرْتَفِعُ الشَّهِيدُ إِلَى الشَّهِيدِ |
نَمُوتُ وَتَنْقُصُ الأرْوَاحُ مَنَّا |
وَيُكْمِلُ حُلْمَنَا سَيْفُ الْوَلِيدِ |
وَتَأْتِي مِنْ وَرَاءِ الرُّوحِ رُوحٌ |
تُضُيءُ عَلَى السُّهُولِ وَفِي النُّجُودِ |
وَتَأْتِينَا الْبِشَارَةُ أَنَّ مَجْدًا |
جَدِيدًا جَاءَ بِالْمَجْدِ التَّلِيدِ |
يُعِيدُ الرُّوحَ لِلأجْدَادِ عِزًّا |
تَصُولُ بِهِ الْخُيُولُ عَلَى الْحُدُودِ |
فَيَا مِصْرُ الَّتِي فِي كُلِّ رُوحِي |
أَرَادُوكِ الْبَغِيَّ وَلَمْ تُرِيدِي |
فَهُبِّي ثَوْرَةً فِي كُلِّ حَيٍّ |
تُعِيدُ الْمَجْدَ لِلشَّعْبِ الْمَجِيدِ |
وَإِنْ قَصَفَتْ رُعُودٌ فِي سَمَاءٍ |
فَرُدِّي عِزَّةً قَصْفَ الرُّعُودِ |
وَإِنْ شِئْتِ الْحَيَاةَ عَلَى إِبَاءٍ |
فَلا تَخْشَيْ مِنَ الْمَوْتِ اللَّدُودِ |
وَعُودِي الْيَوْمَ لِلشَّعْبِ الْمُفَدَّى |
فَبَعْدَ الْيَوْمِ إِنَّكِ لَنْ تَعُودِي |