|
ذابت شموع الآه حول خواطري |
وتمزقت في الخافقين دفاتري |
واحمرّت الأعماق واحترق الهوى |
فرط الدموع ، وجفّ بوح أزاهري |
يتها الجراح ترفقي وتمخضي |
أنا شاعر ملء الحياة مشاعري |
يتها الجراح بكِ الحشا متوسّلٌ |
ما كان كفراً لو هجرتِ مصائري |
بكِ دولة الأشواق دال مقامها |
في كل قلبٍ مستغيثٍ عامرِ |
بكِ ياجراحي - والحبيب معاتبٌ - |
ناحت طيور الحب حول نواظري |
ماذا لو استـأنى زمانكِ لحظة |
فـأضمّ للصدر الحزين عواطري ؟ |
ماذا لو الماضي أراكِ سروره |
فيسير يلتمس الوفاء بحاضري ؟ |
فيرى المحبُّ غراسه لمّا نما |
وتعلقت أسراره بسرائري |
وتفتحت من راحتيه طروبة |
أكمامُ ودٍّ ذي بهاءٍ زاخرِ |
في مثل هذا اليوم عشتُ مكابداً |
نار الأسى بلهيبه المتناثرِ |
وظننتُ أنيّ راحلٌ أنفي الجوى |
نحو الخلود المستقرّ الحائرِ |
وظننت يا دار الحبيبة أنني |
من دون جُـرمٍ قد رثيت بشائري |
أمسكت باليسرى بقايا لوعةٍ |
وحفيف ذكرى من دُخانٍ عابرِ |
وتمعّرت دنياك يا وطن الصِّبا |
تشكو المضيّ إلى الظلام القاهرِ |
تبكي تسائل بالذي هتك المدى |
وأباح للأيام كلّ دوائـرِ |
هل كنتَ تعلم ما فعلتَ بعاشقٍ |
هزّ الفؤاد بعطر نورٍ باهرِ ؟ |
هـلاّ نظرتَ جماله بين الورى |
ووصاله الفيّاح فوق منابري ؟ |
في مثل هذا اليوم خنتَ قصيده |
فنعاك في لبّ الشعور الطاهرِ |
وغـداً ستهجوك النجوم بزهوها |
ويمرّ ذكرك دون طرفٍ ساحرِ |
ماذا لو استبقيت مسك وعوده |
وحفظت للنائي أساك الجائرِ؟ |
ورعيت في المكلوم بعض مراشدٍ |
فيها ابتسامات الغرام الثائرِ |
يا آهةً لبست لغاك خميلتي |
مـذ أشعرت للساهرين مصادري |
أحرقتِ أفكاراً يعزّ دوامها |
وحروفيَ الخضراء دون مناظرِ |
وسكبت في لُمع البيان صبابة |
ما زلت أسكبها لأهلِ محابري |
أقسمتُ أن أبقى جوارك باكيا |
حتى أرى المـأوى وفيض جواهري |
أقسمتُ أن أدع السعادة جانباً |
حتى تؤوب نوادري ومــآثري |
فلكم شدوت وكم بذلت ولم أجد |
غير السقام ووجدنا المتطايرِ |
ذابت شموع الآه وانبتّ الهنا |
والليل يشخب بالأنين الساهرِ |
والأهل والأحباب دون تـأخّرٍ |
بعثوا الدعاء إلى العليم الغافرِ |
كتبوا إلى الخلّ الوفيّ رسائلاً |
بمداد دمعٍ في الأماسي هامرِ |
فـإذا الدعاء من الجميع يحفنا |
لكنه المحتوم أمرُ القادرِ |
والأمّ حسرى أن يعود وحيدها |
من دون صبرٍ إو أنامل صابرِ |
في مثل هذا اليوم فاهت مهجتي |
لا فضّ فوك أيا ضمير الشاعرِ |
فانهض ولا تنس المصاب مبلغاً |
وانظم لنا الذكرى بروح حاضرِ |
لتعيش ذاكرتي وحسن مطالعي |
تصف الحكايا للمشوق السائرِ |
وتقبّـل النعش النديّ أطايبٌ |
وقت الرحيل ، تقول مّن للذاكرِ ؟ |
من للوفيّ أبي ( وفاءٍ ) إنه |
طوباه يبدع بالوداد الزاهرِ |
ذابت شموع الآه يا أهل الهوى |
فهمى على فكري جمال بصائري |
وطفقت أستجدي الوصال من الذي |
لولاه ما غنت صروح مفاخري |
صلىّ عليه الله كل عشيّةٍ |
والآل والأصحاب عِــزّ خواطري |