كأَنِّي بهذا القلب شيخٌ مُكَبَّلُ=تكادُ المحاني كلما صاحَ تذْبلُ
أقولُ لهُ واليأسُ في الروحِ مُوْغِلُ = عَفا اللهُ عَمّنْ دُونَهُمْ ما نُؤَمِّلُ
ومَنْ مِنْ نَداهمْ في المُلِمَّاتِ نَنْهَلُ
جزعنا النوى، والصبرُ يقرع حيّنا = وأبكت تباريحُ الزمان شعورَنا
ونمضي بدوراً يحمل العزمُ خطونا = فإنْ توهِ أحلامُ الجهالةِ رأيَنا
أتوْنا على صبرٍ حنوّ فنعقلُ
نكابد في الكأداء رغم أنوفنا = نكاد من الحرمان نلقى حتوفنا
فأين الرضا منهم يبدد خوفنا = وَإِنْ نَالَنَا وَهْنٌ فَفِيهِمْ وُقُوفُنَا
وَإِنْ نَالَهُمْ مِنَّا قُصُورٌ تَحَمَّلُوا
كَأنَّهُمُ واللّيلُ دَاجٍ بُدُورُهُ=تُضَاءُ بِهِم سُـوْحُ الجَمَالِ وَدُوْرُهُ
فِإنْ عَادَ للمَكْلُومِ مِنَّا سُـرُورُهُ = رَمَوْنا، وَغَابَ النَّجْـمُ فِي العَتْمِ نُورُهُ
وَبِتْنَا بِحُزْنٍ يَحْتَوِينَا وَيَـشْمُلُ
ولم يرعنا حب جفانا ولامنا=يحاول لأيا بعد عهد فطامنا
وبتنا على سهد نرجي منامنا = وحز جنون البرد منا عظامنا
يعمد بالدمع المآقي ويغسل
لَعَلَّ جَفاكَ يَلْتَقينا مُوَدِّعًا = فَيَجْعَل مِن لُقياهُ للهَمّ مهجعا
سَيَبْقى انْتِظارُ الوُدّ مِنْكَ مُشَرَّعًا = وَقَدْ طَافَ لَيْلُ القَهْرِ بِالفِكْرِ مُوجِعًا
نُطَارِحُهُ صَبْرًا فَيَبْكِي التَّجَمُّلُ
تمد ُّيمينا من عطائك حانيا = فيخضلُّ زرع الروح ما كان شاكيا
ولكنّها الذكرى تهدُّ الرواسيا = وَيَسْحَقُنَا مَنْ كَانَ يُرْجَى مُواسِيا
يُؤَمِّلُنَا حِينًا وَحِينًا يُخَذِّلُ
وَكَمْ نَالَ مِنْ طِيْبِ الحَدِيْثِ وَعَذْبِهِ = وَأَغْرَاهُ سُكْرُ القَلْبِ مِنَّا بِحُبِّهِ
وأَقْعَدَنَا دُوْنَ الوِصَالِ وَقُرْبِهِ = بِحَسْرَةِ ما فِينَا وَإِنْ لَمْ نَبُحْ بِهِ
يُرَاوِدُنَا مَوْتًا وَيَقْسُو وَيُمْهِلُ
نُغنّي الأماني المشْرعاتُ طِـلابُها = فما نأتسي حتى يمنّ رضابُها
هو العمْرُ يستقصي الحياة بما بها = وما بين أوهامٍ سيوف الردى بها
وبين تصاريف الزمان التململُ
نَحِنُّ إلى ذكرى الزّمانِ الذي خلا = وتهفو خُطَانا نَحْوَ غيْبٍ تَأجّلا
كأنَّ قِطَارَ العُمْرِ أضحى مُعَطَّلا = فَلا النَّفْسُ تَرْضَى بِالضَّنَى فِي المُنَى وَلا
تُطِيقُ شُؤُونَ العَيْنِ تُندِي وَتَهْمِلُ
على أيّ متْنٍ يا شروحُ برَوْحنا=نُباهي ، وأنّى نستقي من شروحنا
فلا الدربُ يُدنينا ولا الصبرُ ملكنا = حنانيْك يا قلب اتئدْ بعض ما بنا
لو انتاب طوداً دبّ فيه التخلخلُ
فما حِيْلةُ المكلومِ أعيَاهُ داؤهُ=وعزَّ على كلِّ الأنامِ دواؤهُ
تفيضُ من الجرحِ القديمِ دماؤُهُ = وَلوْ طَالَ يَمًّا جَفَّ بِالحَيْفِ مَاؤُهُ
فَيَحْمِلُهُ وَشْلٌ وَيحْوِيهِ جَدْوَلُ
وَأَنْتِ عَلَى عِشْقِ التَّعَلُّقِ بِالذُّرَى=يَظَلُّ لِسَانُ الوُرْقِ بِالشَّوقِ ثَرْثَرَا
يُذِيبُكِ أَنْفَاسًا وَيُجْرِيكِ أَنْهُرَا = أَمَا ضَاقَ يَا رُوحُ الفَـضَاءُ بِمَا نَرَى!
فَأَيّ تَهَاوِيمٍ ! وَفِيمَ التَّعَلُّلُ؟
أبى الدهرُ إلا أن تميد شجونـنـا = وأن تستقي الشجْـو الطويل دروبـنـا
يُغير على الذكرى فتروى عيوننا = وإنّـا لقومٌ مُـتـرعـــــاتٌ كــؤوســنا
بسمٍ زعــــافٍ فيه موتٌ مؤجّــلُ
بَعيدٌ برَغْمِ القًرْبِ جَحْفَلُ سَعْدِنا = يًناجي شِغافَ الرّوحِ أبْعَدَ أوْ دَنا
يَلوكُ خُطاهُ البَيْنُ والهمُّ والعَنا = وَيَحْتَدِمُ الشَّرُّ المهَيْمِنُ حَوْلَنَا
فَيَقْبِضُنَا هَوْلٌ بِهَوْلٍ وَيُرْسِلُ
فـتـبّـاً لمنْ أحنى قــذاهُ ظهورَنــا = وأبــكى المعاني يسْتخفَّ دموعَــنا
وإنّــا وإن أذكى الزمانُ شجونَنا = نسير بأرضِ اللهِ أسرى هوانــنــا
غــثاءٌ وشرُّ الناس فينا موكّــــلُ :
يعيش على حدِّ الهوامِشِ حُلمُنا = و يُكسَـى بأسْـــمالِ المذلَّــةِ لحمُنا
عَصَيْناهُ موسى فالضَّياعُ يَـؤُمُّنا = وَفِي التِّـيهِ نَمْضِي لَا أَمَانَ وَلَا مُنَى
عَـرَايَــا عَـلَــى أَرْضِ الــرَّزَايَــا نُـقَـتَّــلُ
أرى الأمم انقضّت علينا عشيّةً = وما وجدتْ فينا صفوفًا عصيّةً
فأين الألى و القدس ترنو شجيّةً = وَبِالـعُـزَّلِ التَنْـكِـيـلُ أَمْـسَــى سَـجِـيَّـةُ
وَبِالجِهْـلِ ضَـيْـمُ الأَهْــلِ لِلنَـيْـلِ يُـبْـذَلُ
بكيتُ " بني ياس " الأحبّةِ شاهدا = وكلً بلادٍ تستغيثُ الأماجدا
متى جفّ جُرْحٌ فالردى باتَ رافدا = وها قد تراءى من تناءى مُعاهدا
أعاجمَ سامونا وبالاً وأجزلوا
دعيٌّ حقودٌ ليس يَخفى جحودُهُ = على كلّ دربٍ للحِمام وعيدُهُ
له الغدر سيما والضلال مديدُهُ = أتانا مشاريع الأعادي تقودُهُ
على رأسِ جمْعٍ من فلولٍ تغوّلوا
فما تفقه الذوقَ السليمَ حلومهم = وقـد عصفت ملء الزمانِ سمومهم
على الدجلِ الغربيّ سار زعيمهم = وغاغة حيٍّ طوع غيٍّ غويّهم
خطوم جهالاتٍ تلوّى وترسلُ
فأرسى على الأجواء أصنام محنةٍ = يسايسها الواهي بغير رويّةٍ
يسفّه بالماضي التليد ونهضةٍ = يساوم مَن باؤوا بأشلاء ثورةٍ
تغمّدها شرّاً وعزّ الترجّـــلُ
فلا عَادَ مأمول النجاة إذ انطوى = على الغلِّ سفكاً للدماء وما ارعوى
فإن شاع سبقاً وهي ثالثة الشَّوى = إِلَيْكِ عَنَ الأَوْهَامِ فِي سَوْرَةِ الطَّوَى
وَيَا نَفْسُ أُوبِي مَا عَلَى الأَرْضِ مَنْزِلُ
وجِّدي لحاقاً واشتياقاً لرحلتي = وإني وصدق العزم زادي وعدتي
فإن طال في ليلٍ سهادي ومحنتي = وَجَدْتُ بِدِينِ اللهِ حِصْنِي وَخِيرَتِي
وَإِنْ تَعْصِفِ الأَنْوَاءُ نَجْوَاهُ مَعْقِلُ
فيسبل ستراً من لطائف مجده = وتترا عطاياه بسابق وعده
فيا سامعاً نجوى وناصر عبده = أَرَانِي بِخَيْرٍ مَا أَرَانِي بِحَمْدِهِ
أَمَاني، شَهِيدًا أَوْ بِنَصْرِي أُكَلَّلُ
مَتَى نَزَلَ الطَّاغُوتُ فِينَا بِمَكرِهِ =يُذِيقُ حِمَامَ المَوْتِ مَوتًا بِنُكْرِهِ
وَجَدْتُ سَبِيلِي فِي جِهَادِي وَشُكْرِهِ = أَتُوبُ إِلَى رَبِّي وَأَحْيَا بِذِكْرِهِ
وَإِنِّي لِرَبِّي فِي المَلَمَّاتِ أَمْيَلُ
شارك في تخميس هذه الخريدة كلّ من الشّعراء :
رياض شلّال المحمدي
لؤي عبد الله الكاظم
د. سمير العمريّ
حسين العقدي
مازن لبابيدي
أحمد رامي
همّام رياض
محمّد ذيب سليمان
فاتن دراوشة
دامت واحتنا بالإبداع عامرة