عودُوا إلى مصْر ماءُ النـِّيل يكفينـَا
منذ ارتحلتمْ وحزنُ النهْر يُدْمينا
أيْن النخيلُ التى كانتْ تظللـَنا
ويرْتمى غصْنـُها شوقاً ويسقينا؟
أين الطيورٌ التى كانتْ تعانقـُنا
وينتشى صوْتـُها عشقـَا وَيشجينا؟
أين الرُّبوعُ التى ضمَّتْ مواجعَنا
وأرقتْ عيْنها سُهْداً لتحْمينا؟
أينَ المواويلُ؟. كم كانتْ تشاطرُنـَا
حُزنَ الليالى وفى دفْءٍ تواسينا
أين الزمانُ الذى عشْناه أغنية ً
فعانقَ الدهرُ فى ودٍّ أمانينا
هلْ هانتِ الأرضُ أم هانتْ عزائمنـَا
أم أصبحَ الحلمُ أكفانا تغطـِّينا
جئنا لليلى وقلنا إنَّ فى يدهَا
سرَّ الحيَاة فدسَّتْ سمَّها فينا
فى حضْن ليلى رأينا المْوت يسكنـُنـَا
ما أتعسَ العُمْرَ!كيف الموتُ يُحْيينا
كلُّ الجراح التى أدمتْ جوانحَنا
وَمزقتْ شمْلنا كانتْ بأيدينا
عودوا إلى مصْر فالطوفانُ يتبعكمْ
وَصرخة ُ الغدْر نارٌ فى مآقينا
منذ اتجهْنا إلى الدُّولار نعبدُهُ
ضاقتْ بنا الأرضُ واسودتْ ليالينـَا
لن ينبتَ النفط ُ أشجاراً تظللنا
ولن تصيرَ حقولُ القار ياسْمينا
عودوا إلى مصْرَ فالدولارُ ضيَّعنا
إن شاء يُضحكـُنا. إن شاءَ يبكينا
فى رحلةِ العمْر بعضُ النـَّار يحْرقنا
وبعضُهَا فى ظلام العُمْر يهْدينا
يوماً بنيتمْ من الأمجَاد مُعجزة ً
فكيفَ صارَ الزَّمانُ الخصْبُ عنينا؟
فى موْكبِ المجْد ماضينا يطاردنا
مهْما نجافيهِ يأبى أن يجَافينا
ركبُ الليالى مَضَى منا بلا عَدَدِ
لم يبق منه سوى وهم يمنينـَا
عارٌ علينا إذا كانتْ سواعدُنا
قد مسَّها اليأسُ فلنقطـعْ أيادينا
يا عاشقَ الأرْض كيفَ النيل تهجُرهُ؟
لا شىءَ والله غيرُ النيل يغنينا
أعطاكَ عُمْرا جميلا ًعشتَ تذكرهُ
حتى أتى النفط بالدُّولار يغـْرينا
عودوا إلى مصْرَ غوصُوا فى شواطئهَا
فالنيلُ أولى بنا نـُعطيه يُعْطينا
فكسْرة ُ الخبْز بالإخلاص تشبعُنا
وَقطـْرة ُ الماءِ بالإيمَان ترْوينا
عُودُوا إلى النـِّيل عُودُوا كىْ نطهِّرَهُ
إنْ نقتسِمْ خـُبزهُ بالعدْل يكـْفينا
عُودوا إلى مِصْرَ صَدْرُ الأمِّ يعرفـُنا
مَهْمَا هَجَرناهٌ في شوْقٍ يلاقينا