واشوقاه للبدايات الجميلة .. والدوحات الظليلة
كنت أسير والكون أمامي
والسماء تظلني والحقل الممتد باخضراره وجداوله يحيط بي ويطربني
أسمع شقشقة العصافير عند الغلس ..
ولا أعبأ بنعيق غراب عابر يتخللها
.. ألمس الزهور الناعمة بيدي
ولا أحزن حين تنال من أصابعي الصغيرة وخزة سريعه لشوكة لم تخضد بعد
أسيل مع جداول الماء مترقرقا عند البحر الصغير ..وأتبلل من رأسي حتى أخمصي ..
وأخرج للشمس الدافئة فيتبخر بللي أمام عيني في لحظات
.. أصنع من الطين الأسود حصانا ..وأفشل في تثبيته متوثبا على الأرض غير المستوية
... يناديني أبي :.. تعال ... خذ هذه..
فأمد يدي الصغيرة في حبور ..
وأتناول منه مشدوها ثمرة عنب أحمر خرجت بين تهادي الزرع على غير إرادتنا
.. أضع صنارتي في البحر ..وأتماهي طربا حينما تداعبها سمكة شاردة..
وأظل أرخي لها خيطي توددا حتى أخرجها من عالمها فرحا بها ..
كما لو أنها قد انزلقت للتو مصنّعة من قالب براءتي الصغير
كنت أحب الناس جميعا ..ولا أعرف أنه كان ينبغي عليّ أن أقتصد في محبة بعضهم
كنت أمشي بين الحقول مشرع العينين..مورق القلب .... حافيَ القدمين
وأفرح حين يدنو العيد متبسما لأنه كان مظنة نعل جديد ..
وثياب فُصلت من فرح الحقول ..وألق الربى ..
ولّى الزمان ..ولم يستدر كهيئته ... مات أبي ... وهجرتُ الحقل مكرها... ومنذ سنوات لم أزره ..
حتى إذا ما دنوت منه عن غير قصد ..أو أخذتني إليه خطاي غريبا على حين سهوة ..أو شرود..
أسرع مبتعدا ولا أدرى لماذا ؟!!.
ليتنا نعود صفحة بيضاء كيومها ..ولكن هيهاااااااااات ....
لقد كثر النقش على الصفحة .. وكثر المسح أيضا ..
فتغبشت الصورة ، واستحال بياض الأوراق إلى لون قاتم ، تتخلله نقاط سوداء ...
تذكرت هنا ما أضناني الهروب من تذكره..
تذكرت شيئا قد مضى لسبيله .:. ومن عادة المحزون أن يتذكرا