وإذ حاول أبو ديب منذ البداية أن يصف البحور باستخدام النواتين الإيقاعيتين (علن/فا) فقط، مستميتًا في الوصول بها إلى الانتظام الرياضي المطلق، فقد كان الوافر والكامل يعملان دائمًا على عرقلة هذه المحاولة، لأنهما تَشكُّلان مختلفان لا يخضعان لذلك الوصف، لما فيهما من الفواصل.
لذلك، وبعد محاولات عديدة لقسرهما على الخضوع لذلك الوصف، يضطر أبو ديب إلى الاعتراف بوجود نواةٍ إيقاعيةٍ ثالثة هي: (علتن)، تلعب دورًا حيويًّا في تكوين هذين البحرين، ويضطر بالتالي إلى "إعادة صياغة الأساس النظري المطروح لتقرير: أن الإيقاع في الشعر العربي ينبع من الحدوث التتابعي لاثنتن من ثلاث نوى مكوِّنة هي: ( ـ ـ ـ ه) و (ـ ـ ه) و (ـ ه )"( ).
ومع ذلك، ربّما لتصوّرٍ ذهنيّ مسبق لديه، فقد سيطرت عليه فكرة استخدام نواتين إيقاعيتين لا ثلاثة، فحاول قسر الوافر والكامل على تقبّل فكرته بأكثر من طريقة واحدة.
ففي الوافر والكامل؛ تنقص القيمة العددية للوحدات المكونة لهما بمقدار (1)، فتتحول بذلك الوحدة (5) إلى (4)، مما يعني نقصان القيمة العددية لشطر الكامل بمقدار (3)، مع بقاء الإيقاع منسجمًا. وقد تنقص قيمة الشطر الواحد في الخبب بمقدار (4)، بل إنها هنا قد تزيد أيضًا، ويبقى إيقاع الخبب منسجمًا.