كيف تكون شخصا متميّزاً
أهمية الإنجاز في الحياة المهنية
بقلم: ريشما يعقوب
يناير 2005
الكاتب جيم كولينز هو أشبه ما يكون بالعم الحكيم الذي يتمنى كلٌّ منا أن يكون جزءا من حياته. فهو ذلك الإنسان الذي يقدّم بناءً على تجربته العملية في الحياة نصائح عملية وقابلة للتحقيق ترشدنا إلى السبيل المؤكّد نحو حياة متميّزة. الفرق الوحيد هو أن كولينز، وهو مؤلف كتاب "من عادي إلى عظيم الشأن" Good To Great، يستطيع أن يدعم نصائحه بأكثر من مجرّد مجموعة قصص شخصية. إذ تراكمت لديه سنوات من الأبحاث الجادة التي تعزز استنتاجاته حول ما يجعل فرداً عادياً، أو رجل أعمال، إنساناً عظيم الشأن.
مريدو كولينز في أرجاء العالم يقرأون بتمعّن ما يقوم بنشره.
وقد تحوّل كتابه الذي صدرت طبعته الأولى عام 2001 إلى ظاهرة في حدّ ذاتها، محققا مبيعات فاقت الـ4.5 مليون نسخة في العالم، وهو ما يجعله واحدا من أكثر كتب الأعمال مبيعا على الإطلاق.
من النجاح إلى التفوّق
والسبب في ذلك بسيط: الفرضية التي يقوم عليها الكتاب، وهو التدقيق في الحيثيات والأسباب التي تحوّل شركات تؤدي أداء حسنا (مثل شركة جيليت لشفرات الحلاقة) إلى شركة ذات نجاح استثنائي من حيث مبيعاتها. والأمر ينطبق أيضا على قابلية الأفراد إلى تعزيز قدراتهم القيادية وتحسين آفاقهم في ميادين العمل.
ففي السنة الماضية، على سبيل المثال، وبعدما قرأ أفراد فريق الهوكي في كلية بوسطن كتاب كولينز، اضطر كابتن الفريق رايان شانون لمواجهة عدد من الحقائق القاسية. فبعض اللاعبين رغم مهاراتهم الرياضية، كانوا يؤثرون سلبا في معنويات الفريق بتصرفهم الذي يفتقر للروح الرياضية خارج الملعب. ولأن كابتن الفريق أدرك أهمية أحد المبادئ التي يتحدّث عنها كولينز والذي يقول بأنه يتعيّن على أية مؤسّسة أن تضمن تعيين الشخص المناسب في المكان المناسب، ويطلق الكتاب على هذا المبدأ "الأفراد المناسبون في الحافلة"، فإن شانون اتخذ خطوة مفاجئة وصارمة، عندما طلب من بعض اللاعبين أن يغادروا الفريق نهائياً.
كما أدار شانون حلقات للعصف الذهني Brainstorming لأعضاء الفريق لاكتشاف نقاط القوة والتركيز عليها وحدها، وهو ما يسميه كولينز بـ"مفهوم القنفذ". يقول اللاعب (21 عاما)، والطالب بالسنة النهائية: "لسنا لاعبين كبار الحجم، ولا نتمتع بالكثير من القوة العضلية، لذا علينا أن نستخدم سرعتنا أكثر من قوتنا العضلية، إننا نمرّر القرص بصورة جيدة، ونتزحلق على الجليد أسرع من الفرق الأخرى في الدوري الذي نلعب فيه".
لذا ركّز الفريق على السرعة، وانتهى الموسم الرياضي بكونه أفضل موسم في تاريخ الفريق. فقد فاز بإحدى البطولات الإقليمية التي تُعرف باسم بطولة "بينبوت" Beanpot. كما أنهى الفريق الموسم بأفضل سجل من بين الفرق التسعة الأعضاء في الدوري.
وقد عزّز بروس فينتون رئيس شركة "آتلانتيك فاينانشيال المحدودة للاستثمارات" في بوسطن فرصه المهنية عبر تطبيقه لمبادئ كتاب من "عادي إلى عظيم الشأن".
يقول فنتون (32 عاما): "لقد استبدلتُ اثنين من الموظفين، وأصبحت أكثر تدقيقا فيما يتعلق بتعيين العاملين، وفي حين يتفاخر بعض المديرين التنفيذيين بأن لديهم عدداً كبيراً من الموظفين، يكمن النجاح حقا في القدرة على إنجاز الأمور بكفاءة أكثر".
ويستعمل فينتون مبادئ الكتاب في تقييم الشركات الأخرى قبل إن يقرّر إذا ما كان سيستثمر فيها أم لا، أو إن كان سيتعامل معها، أو إذا ما كان سيوصي زبائنه بالتعامل معها. يقول فينتون إنه لن يتعامل مع رئيس الشركة إذا بدا متفاخرا أو متعجرفا. ويضيف قائلا: "أحاول التمييز بين المظهر والجوهر".
داون إيميريك واحدة من المعجبات بكتاب "من عادي إلى عظيم الشأن". وقد حقّقت قفزة غير مسبوقة حينما أصبحت السنة الماضية رئيسة فرع مدينة جاكسونفيل في جمعية العلاقات العامة في ولاية فلوريدا. وتطبيقا منها لمبدأ "الأفراد المناسبون في الحافلة"، بدلا من أن تشغل هذه المناصب بأفراد من المؤسسة، عينت خمسة أشخاص لم يسبق لهم وأن ارتبطوا بفرع الجمعية من قبل. فقد كانت تدرك أن وجود الأشخاص المناسبين في الأماكن المناسبة سيساعد المنظمة في تحقيق أهدافها.
ونجحت إيميريك أيضا في إقناع الأعضاء الآخرين بضرورة فهم واستيعاب "فكرة القنفذ"، أي تشديد الاهتمام بما يتعين على المؤسسة أن تفعله، وتجاهل الظروف التي لا تتماشى مع ذلك. والآن وبدلا من السعي لاستقطاب أعضاء جدد لمجرد زيادة حجم العضوية، يستهدف الفرع الذي تترأسه إيميرك ذوي المهن المتخصصة من المؤسسات التي لها مصالح راسخة أو حقيقية في ولاية فلوريدا. وقد تبنت إيميريك مبدأ "تحويل العلاقات العامة من وضع حسن إلى وضع عظيم الشأن" كشعار جديد لمنظمتها.
العمل والعائلة
وتقوم إيميريك بتطبيق مبادئ كولينز في حياتها الخاصة أيضا، وتقول: "بدأت أنا وزوجي في التركيز أكثر على العلاقات التي تضيف شيئا جديدا لحياتنا، بدلا من تلك التي تحبط علاقتنا. هناك مجموعة من الأسر التي تعرّفنا عليها من خلال نشاطات أولادنا الرياضية، وقد قمنا بحضور حفلاتهم، غير أننا أدركنا بأن لا مشترك بيننا وبينهم، ولذا قرّرنا أن نمضي ذلك الوقت في صحبة آخرين نستمتع برفقتهم من الذين يضيفون شيئا إيجابيا إلى حياتنا، لم نعد نذهب لتلك الحفلات، ولا نشعر بعقدة الذنب جراء ذلك".
http://www.himag.com/articles/art7.cfm?topicId=7&id=728
خمس طرق للتحوّل من شخص عادي إلى "متميّز"
1. كن قياديا من المستوى 5. يشير هذا المصطلح إلى المزج ما بين التواضع والإرادة المهنية ما يجعل المرء قياديا عظيما. والقيادي العظيم إنسان طموح، لكن طموحه يصب في مصالح شركته وليس في اتجاه مكاسبه الشخصية. ويعبّر كولينز عن هذا بالقول: "كن منتجا لا استعراضيا". ابحث عن قياديين من المستوى 5 لا عن المشاهير لشركتك. وحاول أن تكون من هذا الطراز القيادي في دائرة نفوذك الخاصة.
2. قم أولا بتجنيد الأشخاص المناسبين لمؤسستك، وضعهم في المكان المناسب: ثم قم بتحديد وجهة المؤسسة. فإذا ما كنتَ تفتقر لأناس أذكياء متحفّزين للعمل معك ولصالحك، فإنه من المحتّم أن تعيش حياة مهنية "بين بين"، أي متوسطة.
3. واجه الحقائق القاسية دون أن تفقد الأمل: إنك تصبح عظيم الشأن بالقدر الذي تقارب به الأمور بواقعية. أوجد بيئة يستطيع العاملون فيها أن يخبروك بالحقيقة حول ما يصح وما لا يصح. يقول كولينز: "حينما تبدأ بجهد صادق ومثابر لتحديد طبيعة الأمور والأوضاع، فغالبا ما تصبح القرارات الصحيحة جلية أمامك".
4. تبنى فكرة القنفذ: عليك أن تحدّد أفضل ما تستطيع القيام به، وما هي ميولك وما هي العوامل التي تعطيك قوة الدفع اقتصاديا. وينبغي أن تساعدك إجاباتك على هذه الأسئلة الثلاثة في كيفية تصريف طاقتك. فهذه المعرفة تحميك من تشتيت طاقاتك في اتجاهات متعددة. ولتحافظ على تركيزك على الدوام، عليك أن تعدّ قائمة بما ينبغي عمله، وقائمة بما يجب التوقّف عن عمله.
5. الامتيازات التكنولوجية: لا تندفع في استخدام الوسائل التكنولوجية لمجرد أنها مثيرة ومواكبة للموضة. استخدم تكنولوجيات منتقاة بعناية فقط للدفع قدما بالأهداف التي تتناسب مع فكرة القنفذ الخاصة بمؤسستك.