في الشعر
أفْرِغْ عيونَكَ في الجِهاتِ القَاحِلَة=
واغْرفْ تَجَاعِيدَ الخُطَى المُتَثَاقِلَة
شَيِّدْ قِطارَك في المحطاتِ التي=
رُدِمَتْ بأشْلاءِ الوجوهِ الرَّاحِلَةْ
هذا المَصيرُ مُمدَّدٌ عَبْرَ المَدى=
مِنْ نُقْطَةِ التكوينِ حَتَّى الفَاصِلَةْ
ستَظَلُّ وَحْدَكَ تصطلي سَفَرًا مضى=
ويَداكَ جَامِدَتَانِ خَلْفَ القَافِلَةْ
ستعيشُ كالمخمورِ يطْعَنُ ظِلَهُ=
كيلا يُشاطِرُهُ غرامَ النَّادِلَةْ
لا شيءَ تُدْرِكُهُ سوى تِلْكَ الرُّؤى=
تُلْقي إليكَ الغيبَ كي تَتَناولَهْ
فإذا بلغتَ الكُنْهَ كُنْهُ مُخَلَدًا=
واكْشِفْ بِهِ سِرَّ الحياةِ الآجِلَةْ
يا أنتَ! ,واهْتَزَّ المدارُ كأنَّهُ=
تَسْلِيمَةٌ فَضَّتْ شَعَائِرَ نَافِلَةْ
إنِّي كَليمُ اللهِ دُونَ نُبُوءَةٍ=
إلا الكِتاب وليس فيهِ مُجَادَلَةْ!
آمنتُ أنَّ الشِّعرَ بوصلةُ السَّنا=
فأقَمْتُ في كَنَفِ الشموسِ مَحَافِلَةْ
كُلُّ الصَّواعِقِ مِنْبرٌ لقصائدي=
إنْ قلتُ أمَّا بعدُ أُحْدِثُ نازِلَةْ
أنا صَرْخَةُ الطِّينِ الجريح تَصَعَّدتْ=
شَوقًا لمِحْكَمَةِ السَّماءِ العَادِلَةْ
ألْقَيتُ في المرآةِ كُلَّ ملامحي=
وخَرَجْتُ مِنْ كُتَلِ الفَرَاغِ الآفِلَةْ
أسْتَنْشِقُ الوَجَعَ الكَسيحَ وأدَّعي=
أنَّ المَسَافَةَ زَفْرَةٌ مُتَثاقلةْ
مازلتُ أفْتَرِشُ الطَّريقَ خَطِيئَةً=
مُسْتَغْفِرًا مِنْ وجهتي المُتَآكِلَةْ
أحسو دموعَ الغيمِ أنْتَحلُ الثَّرى=
والحزنُ يزْرعُ في يديَّ سنابلَهْ
يا أيُّها الوطَنُ المُهَجَّرُ مِنْ فمي=
إنَّ اقْتِرافَ الصَّمتِ أولُ غائِلَةْ
إنَّ كانَ هذا الموتُ آخرَ غُرْبَةٍ=
فالعمرُ -مَهْمَا طَالَ- مَحْضُ مُحَاوَلَةَ!
والصَّبُّ إنْ لم تعصف الدنيا بهِ=
يومًا ستدفنهُ الرِّمالُ الخاملةْ