إهداء : إلى صاحب القلب الكبير
د. سمير العمري حفظه الله
غَيْثٌ مِنَ الأُفُقِ الأَشَمِّ يَلُوْحُ ** يَهْمِيْ فَتُزْهِرُ قِمْةٌ وَ سُفُوْحُ
أَلْقَى عَلَى كَفِّ المَوَاسِمِ جَنَّةً ** فَالفُلُّ يَعْبقُ وَ الجَمَالُ يَسِيْحُ
والهَاطِلاتُ عَلَى المَكَانِ اسْتَوْطَنَتْ ** عَيْنَ التَّأَمُّلِ وَ الهَوَىْ مَطْرُوْحُ
ويظلُّ وَصَّافُ المَشَاعِرِ مُجْدِبًا ** إِنْ لَمْ يَكُ التَعْبِيْرُ مِنْهُ يَفُوْحُ
أَغْدُو - وَ قَدْ ضَفَرَتْ يَدَايَ قَصِيْدَةً ** ذِكْرَىْ - لِوَخْزٍ مُوجِعٍ وَ أَرُوْحُ*
وَ لَقَدْ أَسِفْتُ عَلَى الفُؤَادِ بِغَصَّةٍ ** لَمْ يَأسَ مَنْهَا سِرِّيَ المَفْضُوحُ
تُبْدِيْ بَرَاءَتَهَا وَ تُبْطِنُ طُهْرَهَا ** نَامُوسُهَا التَّصْحِيْحُ وَ التُّوضِيْحُ
وَقَفَتْ عَلى الطُلُلِ العِجَافِ فَأَقْفَرَتْ ** تَتَذَكَرُ الأَشْعَارَ ثُمَّ تَنُوْحُ
لمَّا تَقَطَعَتِ الدُرُوبُ بِشَاعِرٍ ** لَمْ يْبْقَ إِلاَّ بَابُهُ مَفْتُوحُ
يَحْنُو عَلَى قَلَمِيْ وَ يَشْحَذُ هِمَّتِيِ ** فَالحرفُ مِنْ فَرْطِ الطُمُوحِ جَمُوْحُ
يَا قَوْمُ قَدْ جَادَلْتُهُ فاغْرَوْرَقَتْ ** قَبْلَ العُيُونِ حُشَاشَتِي وَ الرُّوحُ
مِنْ بَعْدِ مَا حَلَّ الرَّبِيْعُ تَفَتَّقَتْ ** بَتْلاتُ ودٍ لِلأَمِيْرِ تَفُوحُ
فَمَشَاعِريْ كَوَتِ الفُؤَادَ بِحَرِّهَا ** حَتْى أَصَاخَ لهَا الكَتُومُ يَبُوحُ
أَرْسَلتُهَا لأَميرِ حَرفٍ شَاعِرٍ ** وَ الشِّعرُ حِسٌ مُعْرَبٌ وَ فَصِيْحُ
***
فَحْلٌ لَعَمْرِيَ إِنَّهُ عُمَرِيُّهَا ** مِنْ غَيْر شِرْكٍ شُكْرُهُ تَسْبِيْحُ*
تَعِبَ العَذُولُ وَ قَدْ يَحَارُ مُشَرِّقًا ** وَ مُغَرِّبًا فَيَرَاهُ وَ هْوَ صَحِيْحُ*
رُوحٌ مُحَلِّقَةٌ وَ قَلْبٌ ذَاكِرٌ ** فِكْرٌ نقيٌّ صَدْرُهُ مَشْرُوحُ*
صَعْبُ المرَاسِ مُحَنَّكٌ فِيْ حِرْفَةٍ ** مَا غرَّهُ التَّتْوِيجُ والتَّوشِيْحُ*
تَسعَى لهُ النَسمَاتُ سَعْياً بِالرِّضَا ** فِيْ رِقَةٍ وَ تَحِيْدُ عَنْهُ الرِّيحُ*
كالفَجرِ يُشْرِقُ فِي النُّفوسِ سَمِيرُنَا ** لا يَستَكِيْنُ وَ إِنْ بَدَا تَجْرِيْحُ
*
يَعْفُو عَنِ الأَمرِ المُسيءِ وَمَنْ أَتَى ** بِإسَاءَةٍ وَعنِ المِراءِ صَفُوحُ
فَلِسَانُهُ بِالمُنْجِيَاتِ مُحَمِّدٌ ** وَ يَمِيْنُهُ لِلتَائِهِيْنَ مَسِيْحُ
أَلِفَتْ مَوائدُهُ الكرامَ ونارُهُ ** رَغْمًا عَنِ الأَنْفِ الجَحُودِ تَلُوحُ
لَوْ يَمْلِكُ القُوتَ القَليلَ لِيَومِهِ ** فَمُفَرِّقٌ ، يَغْتَاظُ مِنْهُ شَحِيْحُ
هَذا الّذيْ نَذْكُرْهُ فِيْ ظَلمَائِنَا ** فَظَلامُنَا لمَّا يرَاهُ يروحُ*
ألْبابُنا رَغْمَ الأَنَا مَخْلُوبَةٌ ** وَ شُعُورُنَا عَنْ طِيْبَةٍ مَسْفُوحُ
يهبُ الدُّروعَ ولا تُردُّ سهامهُ ** إن يَرمها وَمعَ الحريصِ سَموحُ*
وَيُقيلُ عثرَةَ خَصمِهِ حِرصًا على ** حُسنِ الخَلاقِ ، وَجرحُه مَقْرُوحُ
يَدعوهُ بِالحسنَى لِيصلحَ شَأنَهُ ** فَالصَّدرُ رحبٌ والمجالُ فسيحُ*
غاياته النُّصحُ النَّزيهُ وإن قَسا ** وَسبيلُهُ التَّلميحُ والتَّصريحُ
***
يا صَاحبَ القلبِ الكبيرِ بواحةٍ ** تبنِي الصُّروحَ لأُمةٍ وتُتيحُ
رَبُّ السَّماءِ من السماءِ مُباركٌ ** وَ عَطَاءُ رَبّيَ سُؤْدُدٌ وَ فُتُوحُ
إذْ أنتَ مَدرَسَةٌ وَ فِكْرُك مُدرِكٌ ** فِكْرٌ رَصِيْنٌ مُشرِقٌ وَ صَبُوحُ
أم أَنتَ نُورٌ فِي الزَّمانِ وَفَرقَدٌ ** أَم نَحنُ قَومٌ قَالَ فِيهمْ نُوحُ
قُدتَ السَّفينَ فَكُنتَ أَبرعَ قَائِدٍ ** جُوزِيتَ خَيرًا ، وَالقليلُ مَدِيْحُ*
لَوْ قُلتُ نَثرًا لَمْ أَكُنْ لَكَ مُنصِفًا ** فَاخْتَرتُ شِعرًا والقصيدُ يَبُوحُ
إِن التودّدَ للسَّميجِ مُقَبَّحٌ ** أَمَّا الثَّنَاء عَلى المَلِيْحِ مَلِيْحُ
نافع