غزّة العزَّة
يا راحلاً صوبَ القطاعِ مُيَمِماً
أرضَ الكرامِ ومنزلَ النُجباءِ
بلّغ سلامي للأحبةِ أهلها
أهل الكرامةِ منبتَ الكرماءِ
يأبى الإباءُ بأن يفارقَ جمعَهم
رغمَ الحصارِ وسطوةِ الأعداءِ
يا غزّةَ التاريخِ يا رمزَ العلا
يا صوتَ عزٍّ في ذرى العلياءِ
يا موطنَ الأحرارِ يا دارَ الألى
خاضـوا الغمارَ بعزَّةٍ وإباءِ
يا من قهرتِ على الدوامِ شراذماً
حاكوا الشـرورَ بخسَّةٍ ودهاءِ
قد كنتِ مقبرةَ الغزاةِ على المدى
ما هدَّ عزمَك عاتي الأنـواءِ
ما زالَ صوتُك في الفضاءِ مدوِّيا
ينعي النذالةَ شيمـةَ الجبناءَ
سقطَ الشهيدُ على ثراكِ مهلِّلاً
فَرِحاً بصحبةِ زمرةِ الشهداءِ
أضحتْ رمالُك للأسودِ منازلاً
تؤوي رفاتَ السادةِ العظماءِ
أسفي على جيشِ الكنانةِ أمرُه
أضحى رهينَ عصابةِ العملاءِ
قطعوا شرايينَ الحياةِ ودمَّروا
سُبُلَ الوصولِ لكسوةٍ وغذاءِ
وغدا الحصارُ على الأحبَّةِ مطبقاً
وجيوشُنا في خدمةِ الدُّخلاءِ
مصرُ الشهامةِ قد تبدَّلَ حالُها
قمراً يغيـبُ بليلةٍ ظلمـاءِ
عجبا لقوم للقريب تنكَّروا
وغدوا حماة دويلة الغرباء
كلُّ الوعودِ غدتْ سراباً بلقعاً
ما لامستْ في الأفقِ غيرَ خواءِ
كم من مريضٍ بات يقتلهُ الجوى
من بعدِ ما عزَّ العدا بدواءِ
كم من رضيعٍ قد تلقَّفَهُ الردى
لم يستثرْ من همَّةِ البخلاءِ
ربّاهُ هذا الحالُ لا يخفى وقد
أضحى الأنامُ بشدةٍ وعناءِ
جوعٌ وقهرٌ والعبادُ بمحنةٍ
فالطفْ بنا يا أرحمَ الرحماءِ
مصر الكنانة
مادت بنا الأرضُ والأنذالُ قد خانوا
واستوطنتْ في قلوبِ الناسِ أحزانُ
تأبى الخطوبُ رحيلاً عن مرابعِنا
مذ سادَ في النّاسِ رعديدٌ وخوّانُ
ألظلمُ يفتكُ بالأرواحِ يهلكُها
والقلبُ صارَ كمن وافاهُ بركانُ
والنفسُ تألمُ والآهاتُ تحرقُها
حينَ استبدَّتْ بأمرِ الخلقِ جرذانُ
رباهُ تشكو إليكَ النفسُ من فتنٍ
فيها اللبيبُ كريمُ الأصلِ حيرانُ
فرعونُ عادَ وعادت كلُّ طغمتِه
قارونُ يحكمُ والعرّابُ هامانُ
إعلامُهم دَجَـلٌ رُوّادُه سَقَطٌ
لا يعتريهِ سوى زورٌ وبهتانُ
دستورُهم تُرَّهاتٌ قامَ يكتبُها
ربُّ السوابقِ حشّاشٌ وسكرانُ
أمّا الفتاوى فحدِّثْ دونَما حرجٍ
إفكٌ يلوحُ وقد أملاهُ شيطانُ
زوراً تورَّطَ في إصدارِها نفرٌ
أهلُ النذالةِ والإسفافِ مذ كانوا
يا أزهرَ الخيرِ قد وافتكَ جائحةٌ
كأنها من عظيمِ الهولِ طوفانُ
فيكَ الأكارمُ قد هدَّتْ عزائمَها
تلكَ الخطوبُ وكم من هولِها عانوا
أمّا السجونُ فقد ضاقت عنابرُها
ذو العقلِ يسجنُ والمعتوهُ سجّانُ
البلطَجِيُّ غدا في النّاسِ ذا شرفٍ
أمّا الشريفُ فللأوطانِ مختانُ
صهيونُ باتَ قريرَ العينِ مبتهجاً
وابنُ العقيدةِ قد وافاهُ خذلانُ
بئسَ الجيوشُ جيوش الذلِّ تقتلنا
أما العداة فأصحابٌ وجيرانُ
يا مُشعلَ النّارِ فيمَ النّارَ تشعلُها
تردي الأخُوَّةَ والأحقادُ نيرانُ
يا جيشَ مصرَ متى الأوغاد تخلعهم
حتى يعودَ إليكَ العزُّ والشانُ
يا أمَّة َالخيرِ إنَّ النصرَ موعدُنا
مهما تطاولَ في الأكوانِ أقنانُ
أرضُ الكنانةِ عينُ اللهِ تحرسُها
فيها الهواصرُ ما ذلّوا ولا هانوا
تأبى الأسودُ عبيدَ الغربِ تحكمها
النفسُ ترخصُ والأرواحُ أثمانُ