|
يا أيُّهَا المَاضي الذي في حاضِرِهْ |
هلْ فيكَ ما يُعْطي الزّمانُ لناظِرِهْ |
عِشْرونَ عاماً كالرّذاذِ تبخّرتْ |
ما كانَ أحلى ما يُرى بِبَشائِرِهْ |
حبٌّ كدرب الأرض في نَفحاتِه |
بديّارهِ وشِعابهِ ومَحاورِهْ |
مَا زالَ يذكُرُ وجهها في تُربِهِ |
حتّى تمنّعهَا يراهُ بواعِرِهْ |
تلكَ العيُونُ عيونُ ماٍءٍ دافقٍ |
والشَّعْرُ أسْمالُ النّخيلِ بآخرِهْ |
والَبشْرةُ البيضاءُ شمسُ غَديرِهِ |
والَبْسمةُ الغنّاءُ بعضُ مناظرِهْ |
تَتَرَقْرقُ الأنهارُ في جبلٍ إذا |
مّا الْجِيدُ يلمعُ في الدُّجى بأساورِهْ |
يهفُو إليها عاشقاً فيَرى بِهَا |
كلَّ الزّمان بصحْوِهِ وبماطرِهْ |
ويرى بخَلْقِ اللهِ بعضَ سِمَاتِها |
فيحبُّهُ بفقيهِهِ وبِفاجِرهْ |
تَرَكَ المكانَ بذاتِهِ لكنّهُ |
مازال فيهِ بقلْبِهِ ومَشَاعرِهْ |
مَا زالَ يَقرَأهَا كتاباً للنَّوَى |
يأتيه لفّاً لاصقًا في طائرِهْ |
يتقمّصُ النّورَ الذي فِي كُنهِهِ |
لِيقومَ يزهُووالهَوَى فِي سَائِرِهْ |
حَتّى تَمَادى في النّسيبِ فخانَهُ |
كُلُّ الكَلامِ ولمْ يُجِبْ لأَوامِرِهْ |
فتلومهُ في الغيد قبل وصالها |
لوما كما الأنسام ليس بضائره |
لمّا أتاها شاعراً مُتشاعراً |
نسِيَ القصائَد كلَّها بدفاترِهْ |
لمْ يبقَ منها غيرُ بيْتٍ واحدٍ |
ما زالَ يصْدَحُ كالصّدى في خاطرِهْ |
قدْ يُشتهى كأسُ النّبيذِ بطعْمِهِ |
لكنّما أحلاهُ مَا في آخِرِهْ |