|
أتاك زَوْرًا يحثُ الخطوَ في خجلِ |
طيفٌ حكى شخْص منْ تهْواهُ في المُقَلِ |
سرى إليْك فبتّ اللّيل ترْقبهُ |
و بات عنْك و عنْ نجْواكَ في شُغُلِ |
و صرْتَ منْ فرْط ما تلْقاهُ منْ شَغفٍ |
و منْ جوى غرضًا لللّومِ و العذَلِ |
نضْوُ الصّبابة قدْ حالتْ مخايلهُ |
ومنْ أحبَّ فقدْ أوْدى على مَهَلِ |
بذا قضى العشْقُ للعشَّاق مذْ خلقوا |
و كنتَ فيهمْ زمانًا مضْرب المَثَلِ |
و ظبيةٍ في كِناسِ القلّبِ مَسكنُها |
و إنْ تناءت بها الأيَّامُ عنْ سُبُليِ |
كأنّها في تمامِ الحسْنِ بدْرُ دجَى |
أو أنّها في تَنائي الوصْل منْ زًحلِ |
تُريك عذْب اللّمى منْ عذْب مبْسمها |
و لؤْلؤَ الحسْن فِي مسْتحْسَن اليَلَلِ |
كالشّمسِ في أفقٍ و البدْر في غَسَقٍ |
و التبْر في ألقٍ و النّغم في زجلِ |
بأكْحلِ اللَّحظِ عنْ نشّابه نزعتْ |
سهْم الهوى منْ كِنانِ الأعْينِ النُّجُلِ |
رمتْ فأصمتْ كأنَّ الرّمْي صنعتُها |
أو أنّها قدْ أشبّت في بني ثُعَلِ |
يا واصلي بانقطاعٍ غيرَ ملتفتٍ |
لذي شقاءٍ بكُمْ أوْفى و لمْ يزَلِ |
أنْصفتُ جفنكَ إذْ راميْتُ قارتهُ |
و ربَّ رامٍ رماهُ الدَّهر بالعللِ |
أسيرُ لحظك قدْ أضْحى يسيرُ على |
جمْر الغضا أو نِصالِ السُّمرِ و الأسَلِ |
عجلتُ للوصْلِ حتّى جِئتني بقلًى |
و إنّما خُلق الانْسانُ مِنْ عَجَلِ |
تركْتني في هجيرِ الهجْر يلْفحني |
هبْني ظمئْتُ فهلْ في الوصْل منْ بَلَلِ |
حاشَا أفضُّ عهودًا في الهوى عُقدت |
و ليْس يؤْتى صحيحُ الودِّ منْ قِبلِي |
فهلْ إلى عطْفةٍ للقرْبِ منْ طمعٍ |
أمْ هلْ إلى موعدٍ أعْطاهُ منْ أمَلِ |
و ليْت شِعْري و بحْرُ الشَّوقِ مُغْتلمٌ |
أأرْكبُ الفلْك أمْ آوي إلى جَبلِ |
فعصْمتِي منْك أنْ أُمسي بلا عصمٍ |
و حيلتي فيك أنْ أبقى بلا حيلِ |
و عاذلٍ لامني فيكمْ و لجَّ بما |
يظنُّ فيهِ مقامَ النُّصح و الجدلِ |
أنىّ يكونُ لصبرٍ عنكمو بدلٌ |
و هلْ لسيفٍ بصلْب الصَّخر منْ عملِ |
صبرُ المحبِّ إذا لاحَ الرِّكابُ لهُ |
صبْر العطاشِ لدفْقٍ الماءِ في القُللِ |
أبْدلتُ ثوْبي بثوْب العشْق مكتَسيًا |
قميصَ صبٍّ و أنْت الآنَ في حُللِ |
و لسْتُ أدْري و قدْ أبليتُه أسفًا |
أقُدَّ منْ دبرٍ أمْ قدَّ منْ قُبُلِ |
قدْ خُضتُ فيك حروبًا لستُ مُسْعِرَها |
بدأً و لا ناقَتي فيها و لا جَملِي |
هَذِي شَكاتي فَقدْ بلِّغْتَها و بِها |
قلَّدتُ جيدَ الهوى إلياذَةَ الغَزَلِ |