|
أُرِيدُ لَهُ هَجْرًا فَيَغْلِبُنِي حُبِّي |
|
|
وَأَنْوِي وَلَكِنْ لَا يُطَاوِعُنِي قَلْبِي |
وَكَيْفَ أُطِيقُ الصَّبْرَ عَنْهُ وَإِنَّمَا |
|
|
أَرَى الشِّعْرَ لِلْوِجْدَانِ كَالْمَاءِ لِلْعُشْبِ |
فَكَمْ شَدَّ مِنْ عَزْمٍ وَبَصَّرَ مِنْ عَمًى |
|
|
وَأَيْقَظَ مِنْ نَوْمٍ , وَذَلَّلَ مِنْ صَعْبِ |
لَقَدْ بَغَّضَتْ لِي الشِّعْرَ فِي النَّاسِ ثُلَّةٌ |
|
|
يَبِيعُونَهُ بِالْمَالِ لِلْبَغْيِ وَالنَّهْبِ |
فَكَمْ سَافِحٍ قَدْ لَقَّبُوهُ بِفَاتِحٍ |
|
|
وَكَمْ مُسْرِفٍ سَمَّوْهُ ذَا الْكَرَم الرَّحْبِ |
وَكَمْ فَاجِرٍ بَاغٍ مَشَوْا فِي رِكَابِهِ |
|
|
وَسَمَّوْهُ لَيْثًا وَهْوَ أَدْنَأُ مِنْ كَلْبِ |
وَكَمْ وَلَغَتْ فِي حُرْمَةِ النَّاسِ كَفُّهُ |
|
|
فَغَطَّوْا عَلَيْهَا كَالْخِضَابِ عَلَى الشَّيْبِ |
إِذَا كَانَ هَذَا دَيْدَنُ الشِّعْرِ فِي الْوَرَى |
|
|
فَمَا هُوَ إلاَّ السُّمُّ فِي الْمَشْرَبِ الْعَذْبِ |
وَثُلَّةُ سَوْءٍ ظَنَّتِ الشِّعْرَ مَعْدِنًا |
|
|
يُصَاغُ بِجَهْدٍ كَالنُّحَاسِ وَكَالصُّلْبِ |
فَجَاءُوا بِهِ وَزْنًا أَخَفَّ مِنَّ الصَّفَا |
|
|
وَأَثْقَلَ مِنْ هَجْرٍ عَلَى مُهْجَةِ الصَّبِّ |
لَئِنْ نَحَتُوهُ كَالتَّمَاثِيلِ هَيْئَةً |
|
|
فَمَنْ لَهُمُو بِالرُّوحِ , وَالرُّوحُ مِنْ رَبِّي ؟ |
وَشِرْذِمَةٌ أُخْرَى سَبَى الْيَأْسُ قَلْبَهُمْ |
|
|
وَلِلْيَأْسِ جُنْدٌ كَمْ يُمِيتُ وَكَمْ يَسْبِي ! |
إِذَا عَرَضُوا لِلشَّعْبِ قَالَ قُنُوطُهُمْ |
|
|
عَلِيلٌ قَدِ اسْتَعْصَى عَلَى نُطُسِ الطِّبِّ |
نَسُوا مَا بِهِ مِنْ مَكْرُمَاتٍ كَوَامِنٍ |
|
|
كُمُونَ اللَّظَى فِي الْفَحْمِ وَالتِّبْرِ فِي التُّرْبِ |
لَكَ اللهُ شَعْبًا سَامَهُ جَمْعُ قِلَّةٍ |
|
|
فَيَا لَكَ مِنْ جَمْعٍ , وَيَا لَكَ مِنْ شَعْبِ ! |
يُرِيقُ دِمَاهُ الْمُتْرَفُونَ لِيَنْعَمُوا |
|
|
بِهَا خَمْرَةً تَحْلُو عَلَى اللَّهْوِ وَاللَّعْبِ |
يَسِيغُونَهُ لَحْمًا , فَإِذْمَا تَمَتَّعُوا |
|
|
رَمَوْهُ عِظَامًا كَادَ يَقْضِي لَهَا نَحْبِي |
يُسَاقُ إِلَى مَا يَشْتَهُونَ كَأَنَّهُ |
|
|
قَطِيعٌ , وَوَيْلٌ لِلْقَطِيعِ مِنَ الذِّئْبِ ! |
وَطَائِفَةٌ أُخْرَى أَطَاعُوا هَوَاهُمُو |
|
|
فَجَازُوا إِلَى اللَّذَاتِ دَرْبًا إِلَى دَرْبِ |
يَقُولُونَ : لَيْسَ الْمَرْءُ إلَّا فُؤَادَهُ |
|
|
وَكَيْفَ يَعِيشُ الْمَرْءُ جِسْمًا بِلَا قَلْبِ ! |
فَغَاصُوا بِهِ فِي الْغِيدِ وَالْحُبِّ وَالْهَوَى |
|
|
كَأَنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْقَلْبِ مَعْنًى سِوَى الْحُبِّ |
إِذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْقَلْبِ دِينٌ وَهِمَّةٌ |
|
|
وَبُغْضٌ لِطُغْيَانٍ فَمَا هُوَ بِالْقَلْبِ |
عَجِبْتُ لَهُمْ قَالُوا : تَمَادَيْتَ فِي الْمُنَى |
|
|
وَفِي الْـمُثُلِ الْعُلْيَا , وَفِي الْمُرْتَقَى الصَّعْبِ |
فَأَقْصِرْ وَلَا تُجْهِدْ يَرَاعَكَ , إِنَّمَا |
|
|
سَتَبْذُرُ حَبًّا فِي ثَرًى لَيْسَ بِالْخِصْبِ |
فَقُلْتُ لَهُمْ : مَهْلاً فَمَا الْيَأْسُ شِيمَتِي |
|
|
سَأَبْذُرُ حَبِّي , وَالثِّمَارُ مِنَ الرَّبِّ |
إِذَا أَنَا أَبْلَغْتُ الرِّسَالَةَ جَاهِدًا |
|
|
وَلَمْ أَجِدِ السَّمْعَ الْمُجِيبَ , فَمَا ذَنْبِي ؟! |
وقَفْتُكَ يَا شِعْرِي عَلَى الْحَقِّ وَحْدَهُ |
|
|
فَإِنْ لَمْ أَنَلْ إِلَّاهُ قُلْتُ لَهُمْ : حَسْبِي |
وَإِنْ قَالَ غِرٌّ : ثَرْوَتِي , قُلْتُ دَعْوَتِي |
|
|
وَإِنْ قَالَ لِي : حِزْبِي , أَقُولُ لَهُ : رَبِّي |
فَعِشْ كَوْكَبًا يَا شِعْرُ يَهْدِي إِلَى الْعُلَا |
|
|
وَيَنْقَضُّ رَجْمًا لِلشَّيَاطِينِ كَالشُّهْبِ |