رحــــــيـــــــل
وقفت تتأمل الناس بعد غياب وعزله وصمت ابتعدت فيه عن الجميع ولم تكن سببا فيه ولكن مرضها هو الذى ابعدها وفرض عليها الابتعاد وقفت فاطمة تتأمل الناس بعيون يرسمها الامل بالغد ربما يكون الافضل ولحظات ربما تتغير وأبناء قد يكون احدهم دواء وبلسماً لجراحات ماضى لا ينسى ......وقفت حتى وأن كان الحزن والمرض مرسوم وطيع على ملامحها السمراء وعيناها السودوان الجميلتان ,وبسمتها التى كانت أجمل من الزمن ...بسمتها التى كانت بروعة الحب والامل تأسر بها الجميع الصغير قبل الكبير ...وقفت فاطمة وهل ستبتسم الحياة لها بعد هذا العناء وهل يمكن أن تكون مثل ما احبت هى أن تكون حتى وأن بدأت سنين العمر تتراجع وتترك بصمتها على مفرق الرأس وخربشات طفيفة على ملامح الوجه ......وقفت وقد اختزن الحزن بداخلها ومات المرض بها من سنين حتى اصبحت لا تشعر به صمتت رغم الالم فهى وان عبرت اسكتها من حولها بعيونهم انت تتوهمين .....صمتت لانها شعرت بان الناس ربما قل بهم الاحساس بالاخرين ودنياهم حصرت فى امور تلهيهم عن من حولهم .....وشعرت بان الحديث لا يجدى وأن الانسان لم يعد كما كان .....صمتت وفضلت ان ترسم البسمة على شفاها وأن لا تكلم احد عن احزانها ومرضها ومأ سيها..ولم تجد أفضل من كتاب الله تقرأه وتفسره فى كل أوقاتها وترعى ابنائها.....فحتى وان جلست مع احد لا تسمعه إلا النصح والمواعظ وأحاديث العبرة هكذا شعرت فاطمة براحة اكبر ووجدت نفسها رغم الارهاق والقلق الذى خلفته لها السنين والحزن المرسوم على ملامحها الصامته .......وقفت طويلا منفردة فى معركة اقل مايقال عنها أنها خرجت بخسائر ....وأيضا لم تجنى ثمارا سوى الالام ...خرجت منها ولازال هناك فترة انتظار تحبسها عبر رحلة العمر ....وقفت لتكمل حلما روادها لطالما تمنته فى طفولتها ولم تكمله وهو أن تلتحق بمدرسة مسائيه لتعليم الكباربعدما فات قطارها تلك المحطات التى كان يمكنها ان تنهل منها من منابع المعرفة.....وقفت لتثبت للجميع بما فيهم ابنائها وزوجها انها تملك حقيقة الواقع واللحظة الراحله ولا تركن ابدا للخيال ولا التشكيك فى قدرة الله على العطاء ولا فى قدرته على منح القوة والامل .......وقفت تطالع الشمس والقمر ليقينها لأن فى تعاقهم روح الحياة وسرها والامل الممتد فينا حتى وأن بات يخبو فينا .....ورغم المرض.....وقفت تصارع رياح الوجع والالم من مرارة الماضى ومن خوف من الاتى لتكون صورة ليس لتمثال صامت بل لواقع ثابت ووروح متمردة ......وقفت فاطمة لترى أبنائها يكبرون حولها وهى تحبس اوجاع كثيرة بداخلها لا تمحوها الاحداث الاتيه حتى وأن كانت كما تتمنى،وهاهى رحلة اربع وأربعون عاما تنثر اوجاعا وألما بعد هذه الرحلة فى شهور سكنت بداخلها لتسكن بعدها الارض......................................و تنهى روحا طالما حلمت بالكثير فى وقت لم يكن مبكرا لان الزمن لعب لعبته معها فارهقها وأعياها ولم يكن الوقوف الاخير الا محطات رسمتها اعتزاز وثقةورحلت فى يوم غائم كئيب تناثرت فيه حبات المطر وكأنها تبكى وصوت الريح يندبها حزنا رحلت وحملت جسما كئيبا وحزينا سكنه مرض لا شفاء منه رحلت وهى تقول لابنتها ماذا تقول عند رحيلها .....وماذا تفعل ....رحلت وهى مؤمنة بكل ما حدث معها وان الوقت ربما سياتى بالافضل ..رحلت والحزن على شبابها وحياتها السابقة تجسدت أمامها كمشوار طويل وشريط كان للحظه يعلن النهايه ....رحلت وهى تأمل ان يمهلها العمر لترى أحد أبنائها وقد.. أكمل دراسته فمازالوا صغارا ليحقق حلمه فى عيونها وقبل نهاية الرحلة ولكن نحن لا نملك اقدارنا ولا نعلم منى تكون ساعات الرحيل هكذا شعرت قبل ان تلفظ أ نفاسها وتسلم الروح لبرئها.... وفقت لتغير شيئا فيها ،،،لتمحوا انكسارات الوقت المقيت. لكنها وقعت فى براثن المرض الذى سرى فى جسدها وهى لا تدرى لتتوقف بعدها حياتها
بقلم / سالمين القذافى