الفجر
::
::
تَسَّلقَ حِصنَ العتمِ فَابْيَضَّ جانبُه
وسارت لبابِ النورِ تَسعى كتائبُه
يغالبُ ريحَ الليلِ حتى يصدَّها
ويخطبُ ودَّ الصبحِ عطراً يصاحبُه
ويبرقُ مثلَ السيفِ في ساحةِ الدُّجى
فتعكسُ وجهَ البِشْرِ فألاً جوانبُه
نسائمُهُ الخضراءُ للروحِ بلسمٌ
إذا زارتِ المهمومَ زالت متاعبُه
كأنَّ جنانَ الخلدِ جادَت بنسمةٍ
فألقى شذاها فيهِ سحراً يُناسبُه
فأضحى شفاءَ الروحِ منْ كلِّ علَّةٍ
ولو كثرت فوقَ الفؤادِ مصائِبُه
------
أبوهُ شعاعُ الشمسِ والشمسُ أمُّهُ
وكلُّ الليالي في الصلاتِ ربائِبُه
و يَجمعُ بينَ البدرِ و النجمِ و السَّنا
بِمنزلِهِ .. فالكلُّ - أصلاً – أقارِبُه
فذا يسألُ الأحزانَ عَمَّنْ أزالَها
وذا مِنْ كتابِ الصبرِ نصراً يُجاوبُه
وكمْ أبحرَ المشتاقُ والبحرُ مظلمٌ
وهاهو ذا يرسو على الشطِّ قاربُه
--------
يُسَلِّمُ كأسَ الصبحِ مَن فازَ بالدُّجى
فيَهنَأُ بالخيراتِ و الفوزِ طالبُه
ويحملُ للمحرومِ بالودِّ ناصحاً
هديَّةَ حُبٍّ في حلاها يُعاتِبُه
لعلَّ سناها -حينَ تأتيه غافلاً -
سيوقظهُ حتى تطيبَ عواقِبُه
ففيهِ صلاةُ الصبحِ من نالَ نورَها
وصاحبَها في العُمرِ تعلو مراتبُه
ومَنْ ضيَّعَ الأنوارَ فيها بِظُلمِهِ
وإعراضِهِ عنها فسوفَ تُحاسِبُه
--------
فيا ليتَ هذا العمرَ يبقى أسيرَهُ
وتُلقي دُجَاها في سناهُ حقائبُه
وتُخْتَصرُ الأيامُ فيهِ كأنَّما
تَعودُ لذاكَ النبعِ طوعاً مشاربُه
فمِنْ سحرِهِ الأشعارُ تصفو بُحورُها
وَيغرقُ بينَ الشطرِ والشطرِ كاتِبُه
ومنْ حُسنِهِ الأوقاتُ تمضي بلهفةٍ
وتُسرعُ نحوَ الصبحِ سيراً عقاربُه
ولكنه يبقى معَ النصرِ قادماً
ولو ظلَّ ليلُ الظلمِ دهراً يُحاربُه
::
م/ مؤيد حجازي