تسطيح الأمور والتعامل مع القضايا بسذاجة يقود بعض الاسلاميين الى اصدار بيانات تهانى وتشكرات لفرمان رئيس الحكومة – بلدياتى – المهندس ابراهيم محلب بشأن أزمة فيلم ممثلة الاغراء اللبنانية هيفاء وهبى " حلاوة روح " .
الجديد فى الأزمة بالفعل أن الصدام لم يحدث بين شيخ وفنانة أو بين داعية ومخرج أو بين الأزهر وفيلم من الافلام كما هى العادة ، لكن دخلت الدولة – كما هو الظاهر - ربما للمرة الأولى انتصاراً لقيم المجتمع وليس انتصاراً للسلطة ودفاعاً عن الاستبداد كما حدث سابقاً فى بعض الحالات النادرة كأفلام " البرئ " و " احنا بتوع الأتوبيس " .. وحاولت فى " شئ من الخوف " الخ .
فى أجواء كهذه لا يفترض حسن النية ، ولا قبول منطق أن الدولة اهتدت أخيراً للدفاع عن الأخلاقيات وحماية النشء من عبث العابثين ، والا لما سمحت ابتداءاً للبنان بتصدير مثيلات هيفاء ، واذا كان هذا منهج الحكومة فلن يتفرغ محلب ساعة من نهار ولا ليل لهموم الوطن وقضايا الناس وادارة الأزمة الاقتصادية والسياسية ، فما فيلم هيفاء الا نقطة فى بحر الفساد والافساد فى مجال الفن والثقافة .
لماذا هيفاء بالذات ولماذا فيلمها ، وهناك مئات الحالات الشبيهة ، وما هذا الحرص المفاجئ المدهش على القيم والأخلاقيات .. بأمارة ايه يعنى عدم اللامؤاخذة ؟
هذا بالفعل عجيب ومريب ودفعنى لطرح مليون سؤال وسؤال ، فملفات وقضايا فساد يشيب لهولها الولدان ويتعجب منها الشيطان وركام من التجاوزات من راقصات ومخرجين ومخرجات حتى ليصدق فى واقع وزارة الثقافة وتجاوزات صناع الفنون قول الشاعر :
لو اطلع الغراب على تميم وما فيها من السوءات شابا
النكتة أن العلمانيين عكفوا على التحريش بين الاسلاميين منذ بداية احتدام الصراع على السلطة من منطلق قضية الشريعة ذاتها ، وانطلت على البعض الحيلة سواء فى قضية الصكوك أو القروض أو فى قضايا السلطة على الفن ومدى التعاطى مع قضايا الخمور والبارات والكباريهات بادعاء أن مرسى ونظامه خذل جماهيره فوعدَ بتطبيقها وأخلف !
لتبدو الكتل العلمانية ملكية أكثر من الملك ، والهدف كان ولا يزال صب الزيت على النار وتسخين أجواء الخلافات داخل البيت الاسلامى ومحاولة اصطناع اصطفاف اسلامى مناوئ للسلطة الشرعية ، وهذا كان فى عهد مرسى أما اليوم فيعمد العلمانيون لاثارة هذه القضايا لهدف سياسى آخر لم يفطن اليه الزاحفون مبتهجين نحو محلب الذى صار بين عشية وضحاها حامى حمى القيم والأخلاق .
لا يساورنى شك أن القضية سياسية مائة فى المائة ، وهناك مأزق حول اظهار الانتخابات كشفافة وعادلة وبالتالى الحاجة لأصوات متعاطفة مع رموز المسار الحالى ، وليس هناك أظرف ولا أربح من اللعب بورقة الشريعة والمزايدة على نصرة قيم الاسلام ، فما لم يفعله مرسى والاخوان يفعله الآن محلب الذى يقف موقفاً لم يسبقه أحد اليه بالتصدى لحيتان وغيلان الثقافة والفنون .
فهل هو فعلاً بهذه الشجاعة منقطعة النظير ، وما هذا التسامح العظيم والصمت الرهيب من الفنانين ، ولو حدث ما حدث فى مناسبة أخرى وتوقيت مختلف لأعلنت الحرب الشعواء على الحكومة ورئيسها .
هناك رغبة فى تمرير قضايا كبيرة على رأسها نسيان ما حدث وقضايا الثورة والحرية والشفافية ومحاربة الفساد " بجد " ، بتصدير قضايا صغيرة وهامشية ، حتى ولو كانت غير مسبوقة .
يظهرون بمظهر التقى الحريص على الشريعة ، كحرصهم على الثورة والوطن ، فلا حاجة لنا للاسلاميين ولا للثوار ولا لأحد على الاطلاق ، فلدينا اكتفاء ذاتى من الحريصين على الشريعة ومبادئها وعلى قيم الثورة ، والبركة فى المهندس ابراهيم محلب والمشير السيسى .
هل تذكرون قضية وزير الثقافة فى عهد مرسى ، هى ذاتها قضيتنا اليوم مع اختلاف التفاصيل ، فقد نبشوا فى تاريخه وماضيه الأخلاقى ليفضحوا علاقاته النسائية ، وهم غارقون حتى آذانهم فى تلك الأوحال .
يقدم الاسلاميون اليوم تنازلات لا نرضى عنها نتيجة وضعهم السياسى الحالى ومحاولة التأقلم واظهار امكانية التعاون .. لكن جاءت بيانات دعم رئيس الحكومة كحامى للقيم على خلفية فيلم هيفاء أقرب للنكتة ، والا لكان مرتضى منصور هو الأقرب لدعمهم ، فقد سبق السيسى فى تقديم نفسه كشريك بأنه رجل الشريعة المنتظر