نحوٌ يسابقُ في البلاغةِ صرْفـا
والحالُ جاوزَ حالـَهُ والظـّرْفا
جُملٌ تموجُ حروفُها كي ترتقي
شرفَ المعاني أنْ تماثلَ وصفا
والبوحُ هزّ يراعَهُ خفقُ الأسى
ومِدادهُ دمعٌ تعاقب ذرْفـا
.. حتـّامَ تضربُ سادراً وتر الجوى
مستعذباً ؟ !.. والآهَ تنظمُ عزفا
في غربةٍ أغراكَ صفوُ غديرِها
فإذا دنوتَ.. وجدتهُ قد جَفّـا
ومضيتَ،.. لا أرضٌ تُحلـّك سهلَها
كلا .. ولا خِـلٌّ حفا بكَ ضيفـا
ها نصفُ قلبك شفّه فقْـدُ الحبيــ
بِ.. فعُـدْ.. لئلاّ تفتقدْه النّصفا
أمّي .. ومنذُ غيابها لمـّا تغِبْ
وتحومُ صورتُها أماميَ طيْـفا
في خافقي نبضٌ يناغمُ صوتها
وعلى ارْتقابِ الحلم أُغمضُ طرْفـا
سكَبتْ على صمّ الصخور مودةً
فتجودُ مثمرةً وتدنُـوَ قطفا
أمّي ..وإن كفّ الكرامُ عطاءَهمْ
فهي التي بسطتْ يداً وأكفـّا
وأرقّ من ورقِ الورودِ حنوّها
والطبعُ من عذب الرحيق مُصفّى
وتشيحُ عن لهو الحديث تورّعـاً
لتصونَ طهرَ لسانها ..وتعِفـّا
يا بسمةً زفـّت لحُسْن ختامها
بشرى.. وقد لاحَ التنعـّمُ كشـْفا
فتبسّمي أمّاه ..قدْ نلتِ المـُنى
وتنسّمي طيبَ الجنائنِ زُلْـفى
اثنانِ فوقَ العشرِ جمعُ كواكبٍ
والشمسُ..كنّا في وداعكِ صفّـا
فكأنها والجمع حينَ وداعها
قمرٌ الى دارِ المـُقامةِ زُفـّا
رحلتْ، وهذي الرّوح تسكنُ بيننا
والريح من أرَجٍ ..تضوّع عَرْفـا
لا زال مصحفها يهدهدُ سُبْحـةً
حنّتْ لهاتيك الأنامل لهْـفا
سرْنا .. كأنّ الطيرَ فوقَ رؤوسِنا
ويظلُّـنا ألـمُ النوائبِ سقْفا
بجنازة ..خفّتْ بجِـلّ حمـولةٍ
يا حاديـاً للرّكبِ حسبك وجْـفا
أمْ أنّهـا تاقتْ لطيب لقائِـها
فمضتْ تحثّ رِكابَها لتخفّـا؟
أمُوارياً جوفَ الترابِ رحيـمةً
ما حيلتي ..إلـْفٌ يواري إلْـفا!
..ومكثتُ عند القبر أدعو خلوةً
والدمع منسكبٌ يصاحبُ رَجفا
ربّـاه ..واغسلْ بالطّهورِ ذنوبها
ولتجزِها عنّـا الجزاءَ الأوْفى
وافسحْ لها منْ مدّ جودِك قبـرَها
واكْتبْ لها حُسن المثابةِ ألـْـفا
..حسبي من الدّنيا تذلّلُ سجدةٍ
ورضاهُما ..وبذا النّـعيمُ يُـوفّى