نادَتْ ومن مثلهَا في ساحة الْخُطَبِ
قَالَتْ: أفيقِى وَهُبّى أمّة الْـعَـرَبِ
يا أمّةً نَصَرتْ بالأَمْسِ مَسْجِدَهَا
وحرّرَتْ قُدْسَهَا منْ كُل مُغْتَصِبِ
ألاَ فتًى عَرَبِـيٌّ ثَائِـرٌ بطـلٌ
يَمْضِى لِنُصْرَتِهَا بالسّمْرِ والْقُضُـبِ؟!
فِي قَلْبِـهِ وَطَـنٌ , فِي عَيْنِـهِ أَمَلٌ,
فِي كَفّهِ وَهَج ٌمِنْ سَيْفِهِ الضـّـرِبِ
القُدْسُ -مَسْرَى رَسُولِ الله -يَأْسِرُهَا
جُنْدُ اليَهُودِ وَجُنْدُ الظّلْمِ والصلـُبِ
حَمَامَةُ السّلْمِ يَا أَوْطَانُ قَدْ ذُبِحَتْ
زَيْتُونَةُ القُدْسِ قَدْ أَمْسَتْ مِنَ الحَطَبِ
هَلْ هبـّـةٌ كَهَزيِمِ الرّعْـدِ تَهزِمُهُمْ
تَمْضِى تَحُثّ الْـخُطى بالثأرِ والغَضَبِ؟!
حِطّينُ أنّى أَرَى حِطّينَ في زَمَنِـي
صَلاحُهَـا مُقْبِلٌ في الْبِيضِ وَالْيَلَـبِ؟!
وَخَلْفهُ أمـّـة في الأُفْقِ خَافِقُهَـا
تَجَمّعَـتْ خَلْفَهُ فِي جَحْفَلٍ لَجِـبِ
أنّتْ وَنَادَتْ فَمَا لبّى الندَا أَحَدٌ
أَوْ قَامَ يَنْصُرُهَـا سَـيْـلٌ مِنَ الْغَضَبِ !!!
يَا إِخْوَةً فِي رُبُوعِ القُدْسِ قَدْ وَقَفُوا
والصّخْرُ فِي قَبْضَةٍ كَالْجَمْرِ والّلهَبِ
الصّبْرُ فِيكُمْ وفِي أشْبَالِكُمْ خُلُقٌ
فِي كُـل ضَائِقَةٍ مِنْ سَالِفِ الْـحِقَب
أشْبَالُكُمْ شَربُوا مِنْكُمْ صُمُودَكُمُو
لَمْ يَرْشفُوا رَشْفةً لِلْهَزْلِ واللعِبِ
فالحرْبُ ملعبُهُمْ, والصّخْرُ عُدتهُمْ ,,
والنّصْرُ غايَتْهُمْ قَدْ لاحَ مِنْ كثَبِ
دَمُ الشهِيدِ جَرَى فِي القُدْسِ خَضّبَهَا
فَأَزْهَرَتْ ثَوْرَةٌ مِنْ نَهْـرِهِ السَـرِبِ
هُنَاكَ قَدْ أسْرَجَ الأبْطَالُ خَيْلَهُمُو
وَزَلْزَلُوا الأرْضَ فِي حِصْنِ العِدَا الأَشِب ِ
يَا لَلْبُطُولَةِ إِذْ هَبـّوا لِمَسْجِدِهِـمْ
يَا لَلْجَسَارَةِ إذْ ثَارُوا بِـلاَ رَهَـبِ
كالليثِ إذْ وَثَبُوا, والسّيْفِ إذْ نُدِبُوا ,
والسّيْلِ إذْ هجَمُوا في كل مُحْتَرَبِ
ألْفَوْا مَدِينَتَهُمْ والقَيْدُ كَبّلَهَـا ,
وَالْقِرْدُ يَدْهَسُهَا فِي السّهْلِ والْـهِضَبِ
أشْجَارُهَا حُرِقَتْ,وَالطّيْرُ قَدْ ذُبِحتْ,
والدّورُ قَدْ هُدِمتْ , والنَّاسُ في وَصَبِ
والقُدْسُ أرْضُ الفِدَا كَالطودِ صَامِدَةٌ,
والرّيحُ عاصِفَةٌ بالصخرِ والكُثُبِ
مَا اهْتَزّ جَانِبُهَا ,يَوْمًـا وَلاَ وَهَنَتْ ,
كَمْ غُيبَتْ دُوَلٌ وَالْقُدْسُ لَمْ تَغِـبِ
يا عزّ أمْسٍ إذِ الأوْطَانُ في صَعَدٍ
والْـمُعْتَدُونَ وأهلُ الظّلْمِ فِـي صَبَبِ
يا أمّـةَ الْـمَجْدِ والتارِيخُ يَذْكُرُهَا
بِأَحْرُفٍ مِنْ مِـدَادِ النورِ وَالذّهَبِ
صَالَتْ وَجَالَتْ خُيُولُ العُرْبِ يَسْبِقُهَا
فرْسَانُهَا فِي زَمَانِ الْمَجْدِ وَالْغَلَـبِ
مِنْ مَشْرِقِ الأرْضِ حتّى طَرْفِ مَغْرِبِهَا
غَنى لواءٌ لَنَا فِي رُفْقَـةِ السّحـُبِ
وَالْعَدْلُ مُنْتَشِرٌ, وَالْجَيْشُ مُنْتَصِـرٌ,
والْقُدْسُ بَاسِمَةٌ فِي حَوْزَةِ العَـرَبِ
هَلْ تَذْكُرُونَ سَنَا أَمْسٍ وَعِـزّتَنَا
مَا بَالنَا الْيَوْمَ قَدْ حِـدْنَا عَـنِ الأَرَبِ؟!
كُـنّا صُقُورَ الذرَا حَامَتْ عَلَى قِمَمٍ
وَالطّيْرُ مِنْ حَوْلِهَـا بَاتَتْ على رِقَـبِ
عَجِبْتُ يَا أُمتِـي والأَمْرُ مُنْقَلِبٌ
وَصَقْـرُنَا قَدْ غَدَا يَخْشَى مِـنَ الْخَـرَبِ!
كُنّا أُسُودَ الشّرَى فِي الْغَابِ قَدْ زَأَرَتْ
وَالْيَوْم أُسْدُ الشّرَى فِي معْقلِ الْهَرَبِ
مَاذَا أقُـولُ لَكُمْ والْقُدْسُ تحْرِقُهَا
نَارُ الْيَهُودِ وَ أَرْضُ الْعُرْبِ فِي رَحَـبِ
عَيْشُ الْفَتَى فيِ رِدَاءِ الذّل يَفْضَحُه ُ
وَالْمَوْتُ فِي الْعِز فَخْرُ السّادَةِ النّجُـبِ
لاَ عُذْرَ يَا قُدْسُ إنّا مِنْكِ فِي خَجَلٍ
كَمْ عِشْتِ أَسْرًا وَكُنّا عَنْكِ فِي حُجُبِ
لَنْ تُـرْجِعَ الْقُدْسَ أَشْعَارٌ وَلاَ خُطَـبٌ
إنّا مَلَلْنـَا مِنَ الأَشْعَارِ وَالْخُطَـبِ
بَلْ يُرْجِعُ الْقُدْسَ سَيْفٌ قَامَ يَنْصُرُهَا
فيِ ظُلْمَةِ الْهَوْلِ وَالإعْصَارِ وَالْكُـرَبِ