استحقاق المعرب (المتغير) للإعراب والمبني (المقيد) للبناء
لم يكن العربي القديم يتكلم اللغة - كما قيل - سليقة , بل كان له أسبابه وتقديراته ودلالته لكلامه .
أضع بين أيدي اللغويين والنحويين هذا الرأي لمناقشته
هناك علل لإعراب الشيء وبنائه:
الأولى : الدلالة على تعدد الوظيفة أو أحاديتها أو احتمال التعدد وعدمه .
الثانية : القيد والإطلاق ، فالمقيد منعدم الحركة لانعدام التغير فيه( أحادي الوظيفة)
والمطلق متعدد الحركة لوجود التغير فيه ( متعدد الوظيفة).
فالمقيد ثابت على حال واحدة أي : مبني.
والمطلق غير ثابت على حال واحدة ، أي : متغير ، والمتغير معرب ؛ لإن من معاني الإعراب التغير والتغيير .
الثالثة: الاشتقاق والجمود ،
فالذي يمكن الاشتقاق منه متغير دائماً،أي : معرب.
والمشتقُ : قد يقبل التغير كالفاعل وقد لا يقبل كالفعل .
فالذي يقبل التغير هو ما يخبر عنه والذي لا يقبله هو مايخبر به.
والذي لا يمكن الاشتقاق منه ولا يُشتق فهو مقيد ثابت مبني لا يتغير.
-( الأولى )الدلالة على تعدد الوظيفة أو أحاديتها أو احتمال التعدد وعدمه :
فأحادي الوظيفة ، أي : الذي لايدل إلا على وظيفة واحدة فهو مقيد بها ثابت فهو مبني. .
والفعل الماضي : مبني لأنه مقصور على أداء دلالة واحدة وهي الدلالة على حدث وقع في الماضي فهو أحادي الوظيفة مقصور عليها مقيد ثابت مبني غير متغير.
وفعل الأمر : مبني لأنه يدل على الاستقبال فهو أحادي الوظيفة مقصور عليها مقيد ثابت مبني غير متغير.
ومتعدد الوظيفة
هو الذي يحتمل أداء عدة وظائف أو دلالاة عدة
فالاسم يحتمل عدة دلالات أو وظائف فقد يدل على الفاعلية أو المفعولية أو غيرهما ، فهو متعدد الوظائف لأنه مطلق متغير متحرك معرب .
والاسم أيضا يتغير من حيث البنية الصرفية ليدل على شيء معين فالتصغير يقبله الاسم ولا يقبله الفعل .
فتعدد الوظيفة والدلالة والبنية يدل على شيء مطلق يقبل التغير كالاسم فلذلك أعرب.
- وحق الأفعال البناء فلماذا أعرب المضارع؟
أعرب لأنه يحتمل وظيفتين أو دلالتين أوزمنين الحال والاستقبال فهو مطلق والمطلق متغير والمتغير متحرك ولإمكانية تأويله بالمبتدأ.
بينما الماضي يدل على مامضى والأمر على الاستقبال. فلذلك أعرب المضارع.
هما ثابتان مقيدان كل منهما بوظيفة واحدة
والمضارع غير مقيد لأنه يحتمل وظيفتين في الأساس.
فالاسم معرب لأنه يتغير ليؤدي عدة دلالات
والفعل مبني لا يتغير لأنه لا يمكنه أن يؤدي غير دلالة واحدة إلا المضارع منه فمعرب لأنه يتغير ليؤدي دلالتين الحال والاستقبال.
فالمتغير يمتلك القدرة على الاشتقاق منه فالمصادر ( الأحداث) وجدت أولاً ثم وجدت الحروف من أجل الصلة بين الأحداث ثم المشتقات الاسمية كالفاعل والمفعول واسم المكان والزمان لأن الزمان يتولد من حركة المكان . وكان الكلام يتم بالمصادر فاحتاجوا إلى تسهيله فاشتقوا الأسماء الحادث المُحدِث والمحدوث والمحدث ثم احتاجوا إلى تحديد
أماكن الأحداث ثم أزمنة الأحداث فاشتقوا لها ما يدل عليها من ألفاظ الأحداث .
وربما أن أصوات الحركات وجدت قبل الأفعال لأنها كانت تفيد على تعدية المصادر غير العاملة أو مشتقاتها غير العاملة وبخاصة التنوين.
خلاصة ماسبق عن مصطلحات النحو الأساسية أو مكونات الكلام والجمل المفيدة :
١- كل ذي دلالة واحدة أو وظيفة واحدة مقيدٌ مقتصر على تأديتها عديم التغير ثابت مبني.وتختص به الحروف والأمر والماضي
٢- كل ما يؤدي عدة وظائف أو دلالات فهو مطلق غير مقيد وهو متغير معرب. وتختص به الأسماء وما شابهها من حيث تعدد الوظيفة والدلالةكالفعل المضارع.
ويبرز هنا سؤال كبير هو
أليس الضمائر وأسماء الاستفهام والإشارة والموصولات أسماء ؟ فلماذا بنيت؟
نقول له :
هناك علل محددة لبناء بعض الأسماء بالإضافة لعلة أحادية الوظيفة أو دلالة الاسم الأحادية هي :
١- الجمود وعدم الاشتقاق فكل جامد لا يمكن الاشتقاق منه مقيّد ثابت على حال واحدة لايقبل التغير فهو مبني .
٢- أداء كل مجموعة من هذه الأسماء وظيفة واحدة أو دلالة واحدة .
فالأسماء المبنية لم تبنَ لمشابهتها بالحروف من حيث الصيغة وإنما من حيث أحادية الدلالة أو الوظيفة. حيث أنها مقيدة بأداء عمل واحد غير مطلقة غير متغيرة .
فأسماء الإشارة هي عبارة عن اسم واحدٍ
وكذلك الأسماء الموصولة والاستفهامية والضمائر
وإنما تعددت من أجل التحديد الجمعي والإفرادي والثنائي والمكاني والزماني والتذكير والتأنيث وطلب الفهم
- فكلها تؤدي وظيفة واحدة ودلالة واحدة وهي النيابة عن الاسم الظاهر
ونستثني منها أسماء الاستفهام التي تؤدي وظيفة طلب الفهم
- فأما أسماء الأفعال فقد لا تستحق لفظ أسماء ولكن أفعال جامدة أولى بها
وهي أيضا مبنية لأنها مقيدة مقصورة على أداء دلالة أو وظيفة واحدة فهي غير متغيرة غير متحركة ، جامدة .
والدليل أنهم يبنون مايؤدي دلالة واحدة أنهم بنوا لفظ " أمس " ليدل على اليوم الذي قبل يومك الآنيّ .
الطالب الباحث / سامي أحمد الأشول