بِاللهِ يا مَن قد تمُرُّ بِحُفرَةٍ فَتَرى بِها شَخصَ الإِباءِ مُوَسَّدا
أَبْلِغ أَبا أنسِ الشهيد تَحيّةً وَقُلِ السَلامُ عَلَيكَ يا عَلَم الهُدى
يا أَيُّها الشَيخُ الجَليلُ تَرَكتَ لي عَيناً مُسَهَّدَةً وَجَفناً أَرمَدا
وَلظىً تُؤَجَّجُ في حشايَ تَأَسُّفاً وَيَزيدُها ماءُ الدُموعِ تَوَقُّدا
فَيَلومُني العُذّالُ فيكَ لأَنَّني مِن بَعدِ فَقدِكَ ما عَرَفتُ تَجَلُّدا
وَتَقولُ؛ " هذا الدَربُ دَربُ رِجالِنا فَاِصبِر فأيَّ مُهَنَّدِ لن يُغمَدا ؟
إن كُنتَ لن تَقوى على لأواءِهِ فَاسلُك سَبيلَ القاعِدينَ مُعَبَّدا
وَليَهنِ أرضَ الرافِدَينِ وَأَهلَها مَجداً بِأَقحَافِ الجَماجِمِ شُيِّدا "
أَوَلَستُ أُعذَر في بُكائي قائِداً مِن بعدهِ الإِسلامُ عادَ كَما بَدَا (1)
أَوَلَستُ أُعذَر في بُكائي صارِماً عَضباً (2) على التَثليثِ كان مُجَرَّدا
دُقَّت رِقاب الخائِنِينَ بِحَدِّهِ وَأَقامَ عُبّادَ الصَليبِ وَأَقعَدا
لَو سالَ ما سَفَكَ الجِهادُ مِن الدِما مُذ سَلَّهُ لَرَأَيتَ بَحراً مُزبِدا
أَو زادَ نُبلُ المَرءِ مِن أَيّامِهِ لَبقَى على طولِ الزَّمانِ مُخَلَّدا
ولكم تَمَنَّت أَن تَكونَ فَوارِسٌ مِن أُسدِ " قاعِدَةِ الجِهادِ " لَهُ الفِدا
مَن إن رَأَيتَ النّورَ.. نور جَبِينِهِ فَلَقَد رَأَيتَ الكَوْكَبَ المُتَوقِّدا
وَإِذا تَكلَّمَ في المَجالِسِ قُلتَ ذا ورِثَ النبيَّ الهاشميَّ مُحَمَّدا
أوّاهُ في بَغدَادَ كَم مِن بقعةٍ نُصبَ الصَليبُ بِها وَكانَت مَسجِدا
كَم غادَةٍ عَبَثَ العُلوجُ بِعَرضِها وَمُوَحَّدٍ بـ "أبي غريب" مُصَفَّدا
نَشَدوكَ بِالإِسلامِ فَكَّ إِسارِهم فَهَبَبتَ في خَيرِ البَرِيَّةِ (3) مُنجِدا
فَلَرُبَّ كَفّارٍ عَنيدٍ مُلحِدٍ لَمّا رَآكَ بِمُقلَتَيهِ تَشَهَّدا
وَلَرُبَّ مُعتَلٍ الحِجَا لم تأْتِهِ إلاّ ظُباةَ (4) المَشرِفِيَّةِ عُوّدا
وَعَزيز قَومٍ مُترَفٍ أَرهَقَتهُ ذُلا وَكانَ الطاغِيَ المُتَمَرِّدا
وَمدجّجونَ بقَضِّهِم وقَضيضهِم * لمَّا هَزَزتَ الرُّمحَ خرُّوا سُجَّدا
للهِ دَرُّكَ يا أخا المَجدِ الَّذي نالَ المكارمَ والعُلا والسؤدَدَا
لَن يَهنَأَ الأَعْلاَجُ في أَرضٍ وَقَد أَبقى بِها الرَحمَنُ صِنوَكَ "أَحمَدا" (5)
فَلَسَوفَ نَمنَعُ ما منَعتَ مِن الحِمَى وَلَسَوفَ نَرمي مَن رَمَيتَ مِن العِدا
فَبِمِثلِ فِعلِكَ يُرْتَجى نَيلِ العُلا وَبِمِثلِ شَخصَكَ لا الخَوالِفَ يُقتَدى
صَلّى عَلَيكَ اللهُ (6) في ملكوتهِ ما طارَ طَيرٌ أو تَرَنَّمَ مُنِشِدا
قصيدة منقولة