المشهد لا يحتمل اعادة توصيف فقد صوره أحد المحتفلين فى الحفلة الهمجية ، ورأى الناس وسمعوا ما وقع بالصوت والصورة ، وعلقت احدى المذيعات مخمورة فى ملهى تبرير الفضائح والانتكاسات " مبسوطين بقى " ! حاضرة هذه الظاهرة منذ زمن بعيد لكن ليس بهذا الفحش والتحدى ، وسألنى صديق عن سبب الوصول لمثل هذه المرحلة الكئيبة من انتهاك جماعى وممنهج ومصور لأجساد النساء ؟ قلت السبب الأصيل احصاء واقصاء المنافحين عن الآداب والأخلاق وعن الهوية والثقافة ، فيمَ تطالب هالة سرحان بأداء مسرحى بائس باخصاء المتحرشين ، وهذا كلام دعائى بينما هى وغيرها مشاركات بشكل غير مباشر فى استفحال المرض وتطوره بتكريس الاقصاء فى ظل انعدام التوازن مع ما تقوم به أجهزة الاعلام وفضائيات فيفى عبده وصافيناز وسينما السبكى من تخريب للعقول والأخلاق . ليس من المشهد السياسى فحسب بل اقصاء للمربين والدعاة من مشهد التربية والدعوة والنشاط الاجتماعى والتواصل مع الناس والشباب ، ولا شك يتحمل الاسلاميون مسئولية فهم ساعدوه أيضاً وأعطوه الفرص – سامحهم الله - التى لم يكن يحلم بها ليتخلص منهم وتوجيه ضربة ماحقة لحضورهم على جميع المستويات تأكيداً لانفراده بالسلطة . أين دعاة ومربون يقضون أعمارهم يضربون فى مناكب الأرض يبعثون الأمة ويحيون الأخلاق ؟ ولا سبيل الى العودة الا برجال مخلصين يذكرون الشباب ويعلمون الفتيات ويربونهم على القيم والمبادئ والضمير الحى والشرف ، فيمَ يمثل الشيخ كريمة الدور الباهت للأزهر الشريف وهو جالس أمام مذيعة مفتوحة الصدر مظهرة حمالة ثدييها تقول له " هسيبك تتكلم يا حبيبى " ! ، وبعد كارثة التحرير يقول : رغم ذلك لم نصل الى الكارثة ، بينما لا ننسى مدحه لفضائل ممثلة الاغراء الهام شاهين ! والمشهد حافل أيضاً بنماذج عامة لكنها غير مقنعة وتحتويها السلطة حد الدلع والاستخفاف " فين الدقون يا شيخ برهامى " ، بينما تغوص فتاواه فى واقع يختلف عن الواقع البئيس الذى نحياه ، ليقف فى صف المُغتصب والجلاد دون أن يدرى . اللصوص ينتشون ويرقصون وينتعشون فى موسم القاء القبض على الشرفاء وملاحقى الفاسدين والحرامية ، ومشادة بين وائل الابراشى وحوت الميناء رشاد عثمان على الهواء ، وعثمان لا يحتفى بصعود السيسى كما تخوف الابراشى ، انما بتغييب الشرفاء عن المشهد وتقييد حركة من وهبوا أنفسهم لملاحقة وفضح وتقييد الفاسدين بالقانون والتشريعات اللازمة ، فحق لعثمان ومن على شاكلته أن يرقص ويحتفل ؛ لأن أبو العلا ماضى فى السجن ، فالفاسدون لا يطيقون رؤية الشرفاء ولا يرتاحون لحضورهم ولا يطمئنون ويعيشون مرتاحى البال الا اذا تمت عملية التخلص منهم بنجاح . وعلى المواقع وعناوين الأخبار " فيفى عبده ترقص شبه عارية احتفالاً بفوز السيسى " والصحيح أنها ترقص لأنها ومن على شاكلتها لا تفرح ولا يطيب لها عيش وهى ترى أصحاب الفضيلة والفضليات فى الفضائيات يتحدثون ويذكرون ويأمرون بالعفة والسلوك القويم والحشمة والأخلاق والآداب . وكذلك الحديث عن موجات الدعوة الى الالحاد والشيوعية والأفكار المنحرفة التى لا تنكسر الا بوجود الأقلام المنافحة عن الفكر القويم من كبار وجهابذة الأدباء والمفكرين والعلماء . المعادلة تحدث عنها الشيخ الجليل محمد الغزالى رحمه الله ؛ فيتساءل كيف ينطلق مرتزقة العهود الماضية ليعيثوا فى الأرض فساداً ولا نأخذ طريقنا لكبح جماحهم وحماية الدين والدنيا من شرورهم ؟ هى حرية الرسالة التى بعث الله بها محمد صلى الله عليه وسلم ، - خلوا بينى وبين الناس - فى محنة الآن .. وأى محنة ! وهى معادلة قائمة منذ الأزل فعندما علم فرعون أن هلاكه سيكون على يد مولود من بنى اسرائيل أمر أن يُقتل كل مولود ، فالاثنان لا يجتمعان ؛ موسى وفرعون ، الخير والشر ، الفضيلة والرذيلة . سبحان الله ! الاسلام الذى يوجب محاربة البغى والتعسف حتى يعود العدل والاحسان ، لا يغرس أحقاداً مقدسة ضد الذين استغلوا السلطة أو الثروة يوماً من الأيام ، بل يفتح لهم باب الفيئ الى رحاب الحق التى تسع الجميع " فان بغت احداهما على الأخرى فقاتلوا التى تبغى حتى تفيئ الى أمر الله ، فان فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل وأقسطوا ان الله يحب المقسطين " . وبعد الربا " وان تبتم فلكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون " ، وعدالة الاسلام تبطل عصبية العرق وافتئات الطبقة وبغى أية فئة بوجه عام والقرآن خاطب رسول الاسلام نفسه بما هو حجة ماضية الى يوم الدين على جميع المؤمنين برسالته " فذكر انما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر " ، " وما أنت عليهم بجبار " ، " ولو شاء ربك لآمن من فى الأرض جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين " . الآن لا تترك فرصة للفضيلة والتربية القويمة والفكر والآداب والأخلاق أن تتنفس وتعود برأس مالها ؛ فلا تتوقع أقل مما حدث علانية بالتحرير . وما خفى كان أفجع .