توقفت بسيارتي عند ذلك الخط الأبيض الذي طالما إكتسب إحتراماً و تقديراً قد يفوق الأحترام و التقدير الموجه للآنسان .
و لما لا و إنني لو تعديته بخطوة واحدة سوف أنال ما لا يرضيني من الكلام و قد يستدعي الأمر أن يخصم من راتبي ليس لذنب إقترفته من جهة عملي و إنما هو من ذلك الشرطي - الذي توقفت بناء على نظرة من عينه الممسوحة من أثر الأيام الذي ليس له حال ولا قوة إلا ببذلته تلك – لتغضب مني زوجتي و تتذامر من أن المرتب لا يكفي لسد أفواه المعيشة .
لا يهم إن كنت متأخرا أم لا عن ميعاد رجوعي إلى البيت حيث تفتح لي زوجتي محضر س و ج عن أسباب تأخري و لا تلتفت لقسمي أنه كأن بسبب هذا الشرطي و تجد أن الحل الوحيد ليطمئن قلبها أن تذهب لتتفقد رائحة سترتي لتعلم وجود رائحة عطر حريمي أم لا أو أن تبحث عن تلك الشعرة الطويلة التي توجد على المنكب الأيسر – دائما الأيسر لا أعلم لماذا – قد يكون هذا محض تأثرها بالأفلام العربية الفديمة .
قد تثور المشكلة عندما تجد تلك الشعرة و تقسم و تتوعد بترك المنزل إن لم أعترف بأسباب و جود تلك الشعرة السمراء غافلة عن أنها لها و غم عليها أن ذلك كان لون شعرها في الصباح قبل أن تقوم بصبغه لتكون مثل تلك المطربة التي كانت تنظف ملبس زوجها أثناء عرض الأغنية ، إنها تظن أنها تشبهها كثيراً و لكن لا أعتقد ذلك فليس هناك مقارنة بين اليمامة و غراب البين كما يقولون .
لم أكن أعلم أنني سأري أجمل منظر في حياتي و أنا أضرب باب السيارة سخطاً على تلك الشرطي .
أرسلت بهما في إتجاهي في نظرة عشوائية تكون دائما نتاج الوقوف في تلك الأشارة اللعينة .
لم أترددثانية في أن أسبح بين تلك الرموش التي إحتوتني في أحضانها هذا الجزء من الثانية لاشعر بسعادة لم أتذوقها قبلا .
أغمضت عيني مانعا عقلي من التركيز في شىء غير تلك العيون الملائكية التي جلست على شاطئيها السوديان راسمة في خيالي كل ما تعنيه كلمة جمال حتى أننى إختطفتها لنسكن تلك الجزيرة و لو لثواني علمت فيها ك ما تحمله كلمة سعادة ، و لم أكن أعلم أن ذلك الشرطي سوف يفتح الأشارة
بهذه السرعة و لا أنني سأدفع تلك الغرامة التي كنت خائفا منها لتأخري عن الأقلاع بالسيارة من الأشارة و تعطيل الطريق .