الدين والتاريخ وواجب الجار على الجارِ والإنسانية, جميعها تفترض وتقر وتبصم بالعشرة بأن قضية فلسطين هى قضية الأمة العربية والإسلامية جميعا", حتى بعض الزعماء العرب الذين إلتزموا الصمت الأن دائما" ماكانوا يتجارون ويقمعون شعوبهم تحت دعاوى تحرير فلسطين وأننا لابد وأن نكون جاهزين للعدو وأن نسير على خطى صلاح الدين!.. لكن كل تلك الدعاوى تهاوت أمام حصار غزة وخنق كل الأمل فى صدر أطفالها وشبابها وشيوخها ونسائها بأن يعيشوا حياة أدمية ينعمون فيها بالإستقرار والأمن والسلام وحق تقرير المصير, حصار قال عنه أحد الصحفيين أن العرب كانوا أقسى فيه من عرب الجاهلية عندما تم حصار المسلمين فى شعب أبى طالب فرقت قلوب بعض الكفار وتسللوا ليلا" لكى يمدوا المسلمين بالماء والطعام بينما عرب 2014 خنقوا غزة حتى جفت الضروع وأصاب الهزال كل مظاهر الحياة الطبيعية فيها.
ثم بدأ بنو صهيون الحرب متسلحين بأحدث الطائرات والقنابل المُحرمة دوليا" واحدث الدبابات, قصف من البر والبحر والجو, مطرٌ من الجحيم يسقط على أهلنا فى غزة صباح مساء, بينما إلتزم العرب الصمت, إلتزم الكبارُ الصمت وبدأت المتاجرة بدم الشهداء عبر تصريحات ثورية مكانها الأن متاحف التاريخ, ثم حملة هوجاء على مصر وحكومة مصر وكأن قدر مصر أن تحارب بالوكالة عن ساكنى القصور ومرتادى طاولات القمارِ فى موناكو وبيجال!.. بدأت كل طرف عربى يرمى التبعة على أن سبب المأساة الأن هو إغلاق مصر لمعبر رفح.. ونسى هؤلاء أن غزة كانت تحت حصار منذ شهور فلا يدخل ولا يخرج أحد.. ثم دعاوى لمؤتمرات قمة.. ثم تحزب وتشرزم ومحاولات من بعض الدول لكى تركب الموجة وتعلن أن سيف السياسة والقوة فى المنطقة سقطت من يد مصر والسعودية..
كشفت أحداث غزة عن هوان العربِ على العرب..
وأن الدم العربى أرخص أحيانا" من جالون نفط!..
وأن بعض الدول تعتبر أن خير تعويض عن دم الشهيد هو كراتين من الحليب المجففِ والأرز وحفنة دولارات!..
كنت أستغرب وهم يتباهون بالمساعدات..
الأجدى للضحية أن تُرفع سكين القاتل عن عنقه ولا تتركه يُذبح ثم تعطى لذويه الثمن..
كشفت أحداث غزة أن أفضل جهادٍ عند العرب هو جهاد الحناجرِ وأن المسافة مابين المواطن العربى وحكامه تزداد إتساعا" يوما" بعد يوم...
لكن..
وسط الركام يطل علينا الشارع العربى والمواطنون الحقيقون أبناء الأرض وملح الأرض ليعلنوا أن غزة لن تُقتطع من جسد الأمةِ طالما بقى فينا نبضٌ وبقايا ضمير!..