كانت ترفل بثوبها الأزرق و حذائها الأنيق ....
تسير نحو الجمع وهي تحمل الصينية المذهبة المفضلة لديها......
و بين الفناجين تنثر زهرات الياسمين......
كما هي عادتها منذ ثلاثين سنة .......
لم تقدم القهوة يوما إلا مع أزهار الياسمين ....
لعل في شكلها نوعا من التغيير ..
و لكنها ما تزال تحمل تلك الروح المرحة...... و تعتني ببشرتها و شعرها..... تشتري لنفسها و لبناتها العطورالمترفة
و الكل يعجبه ذوقها .......
كثر هم أحبابها ..
هو و الأولاد و الزهور و منزلها..
و الكل يشتاق لمساتها اليومية ...
أقبل الجمع على القهوة و دارت أحاديث الذكريات
علت أصوات ضحكاتهم
و بحثت عينها عنه
مسحة الحزن في عينيه تلهب نار القلب
و تعرف و يعرف نفسه في حديث الذكريات
كان في قلوبهم السند و الملجأ الحصين
و لكن أسوار الحصن وهنت كوهن العظم و برد الحصن
ما عادت يده القوية تعرف وحدها كيف تثبت قبعة أميرته الصغيرة
و ما عادت حكايته تخفف بأس الحمى أيام المرض
حتى قطعة الحلوى التي اشتراها للأميرة أمس أخافتها و قدمتها لطفلتها
لعلها تخشى على رشاقتها
كبر من كانوا أفراخه و غادروا المكان
وحدها من بقيت تسقي الحب للجميع بكوبها المغزول من نسيج قلبها الفاخر
طعامها اللذيذ .. قهوتها مع الياسمين .. ذوقها الرفيع .. و قلبها الكبير
ما وجد له مكانا بينهم
غادر إلى غرفته تشيعه أصوات صخبهم و أطفالهم و حزن عينيها
استلقى في سريره وغرق مجددا في كتبه
اقتربت حفيدته من السرير..
أسندت خديها بيديها الصغيرتين و ابتسمت له
أزاح النظارة عن عينيه و ابتسم
تماما كابتسامة الأميرة
مسح شعرها اللامع بيده
- جدي؟
- نعم يا حبيبتي
- هل تعطيني الحلوى كما أعطيت أمي ؟؟؟؟؟؟؟