|
هي الدارُ نفسُ الدارِ،هل دارُها تخفى؟! |
ففيمَ وقوفي كالغريبِ استحى صَرفا؟ |
رويدَك علَّ الدارَ تعرفُني إذا |
وقفتُ مَليًّا أو إذا صعّدتْ طرفا |
أأنكرتِ يا دارَ الحبيبةِ زَورتي؟ |
إذًا فاسألي الأركانَ:هل تذكرُ الضيفا |
على عتَباتِ الدارِ أكببْتُ خاشعًا |
فهل عرفتْ في وجهِك اليُتمَ والحَيفا؟ |
كلانا تنكّرْنا فما ثَمَّ أُلفةٌ |
وغالَ الردى تلك التي كانت الإلفا |
فما أبردتْ قلبي المنافي ولا حنَتْ |
على القُربِ دارٌ وهْي مِن دونِها منفى |
وأوهمَني كرُّ الليالي بخبوةٍ |
وكيف لنارٍ تغتذي منك أن تُطفا! |
لقد كان لي في حضنِها خيرُ مرفأٍ |
فأمسيتُ والأنواءُ تعصفُني عصفا |
وكنتُ وكفُّ الأمِّ حوليَ رقيةٌ |
فأُفرِدتُ وحدي لا دعاءً ولا كَفّا |
تناءيتُ عن قبرٍ وفي الصدرِ مثلُه |
وفي كلِّ آنٍ أجرعُ الفقدَ والحتفا |
وأجثو على تُرْبٍ يضمُّ رفاتَها |
وأغبطُهُ حبًّا بما نالَ مِن زُلفى |
وشاهدةٍ تغرَورِقُ العينُ لاسمِها |
فألمسُ كالأعمى بصفحتِها حرفا |
بلى..أنا يا أمي:خيالٌ مُرنَّحٌ |
كرهْجِ سرابٍ مِن لهيبِ الظما جَفّا |
أعيشُ بقايا ميتٍ ضاعَ قبرُهُ |
وما زال يرجو أنه عندكِ استخفى |
دعيني على رِجليكِ أُلقي بوجنتي |
لأغسلَها دمعًا فتغمرَني عطفا |
وألثمُ عقْبيها الطهورينِ عابدًا |
فقُبلتُها كالقَدْرِ قد جاوزتْ أَلفا |
أيا أمِّ ..هذا اللفظُ بعدَكِ غُصّةٌ |
وكم رفَّ قلبي من نِداهُ وكم خَفّا |
وأُغمضُ عيني عن خيالِكِ طرفةً |
فيمثلُ تحتَ الجفنِ منتصبًا طيفا |
وأنتِ فراشاتُ النهارِ تحفُّني |
وأنتِ يمامُ الهدبِ ليلاً إذا أغفى |
صرفتُ عنانَ الشعرِ عنكِ ترفّقًا |
بقلبي فإن أدمنتُ أرهقْتُه نزفا |
وها أنا مُنساقًا أُعاني احتضارَه |
كبدءِ رثائي حين جُرّعتُه صِرفا |
وها أنا يا دنيا لوحديَ فاشتفي |
فكلُّ الرزايا غيرَ رزئي بها تُشفى |
فإن أنت ألفيتِ الفؤادَ محطَّمًا |
فليلتُكِ العشواءُ جاستْ به خُفّأ |
يتيمٌ وثَلْمُ السيفِ يحتزُّ عنْقَه |
دؤوبًا وما يقضي عليه وإن أَشفى |
إذا طفرتْ منه بمرآكَ دمعةٌ |
صموتٌ فلا تسألْه مِمَّ ولا كيفا. |