من الصلصال أنبتنا الجلالُ=وكنه البعث شكرٌ وابتهالُ
فسبحان المنزّه في سماءٍ =عن الأوصاف والوصف انتحالُ
خلقنا من مياهٍ دافقاتٍ...=وكلّ الخلق للباري عيالُ
لماذا يستشيط الناس لؤماً= إذا قال الفقير لهم تعالوا؟
يجلّون السفاسف من غنيّ= وإن مال الهوى معه لمالوا
وكلّ عيوبه , لو كان مسخاً = بناظرهم يتوّجها الجمالُ
نفاقٌ سادهم في ثوب كبْرٍ =وخبث النفس للباغي عقالُ
وإن حكم العفيف بحلّ أمرٍ= على عرض النُّهى سلحوا وبالوا
هي الأيام كالآمال حبلى= تدورتدور والدنيا سجال
فكم وسعت رؤى الترحال خلقا=وكم ضاقت بأحلامٍ رجالُ
وسقف العمر قبرٌ في البراري=ودودٌ في غياهبه طوالُ
وقطنٌ كمّم الأفواه صبراً=وأسمالٌ تلفّ , لها حبالُ
فكم من بسمةٍ كانت دواءً = وكم همز بأنفاسٍ نبالُ
فلا تأبه لطعن الخل حيناً=فجلّ مكاسب الناس اقتتالُ
هو الإنسان تلٌّ من رزايا =وبحر من جنون لا يطالُ
لجوجٌ يشعل الشكوى صخيباً=من الأسباب والشكوى منالُ
يمصمص ضرع أمنيةٍ خؤوناً =وفرط العبّ في عجلٍ وبالُ
كأن الصدق في عمل مجونٌ=كأنّ الفسق في غرضٍ حلالُ
فكم بليت بأيديه فؤوسٌ=وكم تلفت بأرجله نعالُ
ينافس بعضنا في الرزق بعضاً= كأن القوم في المسعى بغالُ
كأن مطامع الغايات فينا = مناوشةٌ , هجومٌ فاحتلالً
ثراءٌ ذاك أقصى مبتغانا=ونسلٌ وافتخارٌ واحتيالُ
ننكّر عرشنا بفساد رأيٍّ= كأنً الزّيف في اللجج الكمالُ
عفاريت الرغائب تمتطينا =فتنقاد الرجولة والخلالُ
سلونا أنّ بذل الخير حباً= لطالبه شموخٌ واكتمالُ
فتلك الباقيات من المعالي=وفي دار البقاء هي المآلُ
على العاطي القديرلواتّكلنا =لأورقت الفضيلة والخصالُ
وأزهرت الحياة بكل خيٍر= وأثمرت الخصوبة والغلالُ