المسلمون هم الأولى بالاحتفال بهذه الذكرى ، وقد رأيت صورته الرائعة على جوجل تحتفل بذكرى مولده فقلت نحن أولى به وبمعايشة فكره وأدبه وفلسفته ، وبالفرح بما طرح على العالم من رؤى تخدم الانسان وتوقر الاسلام .
عاش الأديب والفيلسوف الروسي الكبير ليو تولستوي بين عامي 1828م و1910م .
لعل الذين عرفوا الرجل جيدا وعايشوا عالمه الرحب وتعمقوا في كتاباته وفهموا مغزى رواياته ووقفوا على أسرار حياته يملكون الإجابة على هذا السؤال.
فنحن أمام رجل (كبير) بكل ما تحمله الكلمة من معنى.
رجل أتى إلى الحياة ولم يرض عيشها هكذا دون أن يفهمها ويفهم الهدف منها.
ولم يرض أن يتركها دون أن تبقى بها بصمته المميزة، ليس فقط في دنيا الأدب والرواية، لكن أيضا في عالم الفلسفة والآداب والأخلاق والعمل والزهد والقدوة العملية والإصلاح الاجتماعي والدعوة للسلام.
نهدى تولستوى العظيم للخاملين الكسالى الذين لم يتذوقوا بعد طعم الجد في الحياة .. وكان يقول:
"على المرء إذا أراد أن يعيش بشرف وكرامة أن يتمزق بقوة وأن يصارع كل المثبطات، فإذا أخطأ بدأ من جديد وكلما خسر عاود الكفاح من جديد موقنا أن الإخلاد إلى الراحة إنما هو دناءة روحية وسقوط ".
نهديه وقد كتب بمذكراته وهو لا يزال في العشرين من عمره: "لم أفعل شيئا ، كم يعذبني ويرعبني إدراكي لكسلي، أن الحياة مع الندم محض عذاب .. سأقتل نفسي إذا مرت على ثلاثة أيام أخرى دون أن أقوم بفعل شيء ينفع الناس".
نهديه للغرقى في ملذات الحياة الحسية، لا يطمحون في الانعتاق والارتفاع ليستنشقوا هواء الرفعة والحرية الحقيقية.. وقد أعطى ظهره لثرائه الفاحش وترك أراضيه وضيعاته ومزرعته وأملاكه ولبس الخشن من الثياب على جسد مسكون بنفس زاهدة شفافة شغوفة.
قال :
"أحس بأن حياتي قد توقفت فجأة! لم تعد لدى رغبة في شيء، والحقيقة أن الرجل العاقل يجب ألا يرغب في شيء.
إن الحياة نفسها وهم، وقد بلغت الحافة التي لا أجد بعدها إلا الموت ! أجل هذا صحيح .. الحياة وهم كبير وها أنا ذا المحسود على الثراء وعلى السعادة والشهرة وعلى حبي لزوجتي، بت أشعر بأنه لم يعد من حقي أن أعيش أكثر مما عشت".
للأثرياء المهمومين باستثماراتهم وشركاتهم وعقاراتهم وأموالهم الطائلة والذين نسوا حق الفقراء والجوعى والمطحونين في أموالهم.. فقد وهب أملاكه للفلاحين وترك النعيم وعاش في الحقول المجاورة يكسب ماله من عرق جبينه.
ولبعض كتابنا وأدبائنا الذين يهيمون في كل واد والذين يقولون ما لا يفعلون، والذين يتحدثون عن المساواة ويبدعون عشرات القصص والروايات يدافعون بها عن المثل والحرية والقيم والحقوق، وهم في واقع الأمر يحيون منعزلين عن الناس وعن همومهم وقضاياهم كأنهم بشر غير البشر .
هو ضحى بحبه وسعادته ووهب حياته للفقراء والفلاحين حتى أنه كان يخاطب نفسه أن: "أي فلاح بسيط من العبيد الذين يعملون في أرضك يستطيع أن يصرخ فى وجهك انك تقول شيئا وتفعل نقيضه ، فكيف تطيق ذلك".
ولم يكتف بعشرة آلاف رسالة كتبها يدافع بها عن الفلاحين، ولم يفرح بلقب "محامى مائة مليون من الفلاحين الروس".. بل تخلى عن كل شيء ليصير واحدا منهم.
ولأدباء العربية المتهتكين الذين يعلون من شأن الرذيلة ويمجدون المجون ويصنعون من اللص والفاسق والأفاق بطلا ً.. فتولستوي الكبير أعلى في رواياته وقصصه من شأن الفضيلة والعفة ودافع عن الشرف والقيم الإنسانية النبيلة.
لأدبائنا الذين يلهثون وراء الجوائز ، فهذا رجل رفض نوبل مرتين ؛ لأنه كان يرى أن النقد الأدبي المجامل مثله مثل الجوائز والمكافآت الكبيرة تؤدى إلى فساد الخلق الفني والأدبي للمبدع وابتذاله.
أيضاً لأناس فقدوا الحد الأدنى من الإنصاف والعدل والاستقلالية في الفكر والرأي وراحوا ينتقصون من قدر الرسول (صلى الله عليه وسلم) وينشرون أكاذيب وافتراءات حول سيرته العطرة.
وقد كان كان له دفاع أذهل العالم عن نبي الإسلام (صلى الله عليه وسلم) – .
للمسلمين فى أنحاء الأرض ليعلموا أن هناك من الجانب الآخر من ينصفنا ويحترم رموزنا ومقدساتنا ويدافع عن حضارتنا وثقافتنا وعقائدنا.
اليك أيها الرجل الكبير التحية .