ما زالت الأيام تمضي وأنا أقف مكاني خلف ذاك الجدار بلا حراك.
هذا الجدار يشكل عقبة سوداء في حياتي، فهو كالظلمة في وضح النهار.
دائما ينتابني شعور غريب عندما أقابل صاحب هذا الجدار، أشعر بأنه يشبهني في كل شيئ ، فتفكيره كتفكيري ينظر للأمور من زاوية ضيقة ولكنها الزاوية التي أنظر منها دائما.
يجلس بجانبي ،أراه ويراني ، أسمعه ويسمعني، لكنني لا أستطيع التحدث اليه.
ربما لاحظ بأنني مهتم به فأنا أراقبه دوما ،أتأمله كالطفل الصغير عندما يتأمل أمه ويريد أن يقول لها أشياء كثيرة، لكنه لا يستطيع فهل استطاع فهمي كما تفهم هذه الأم على طفلها من نظراته ربما وربما لم يكترث لوجودي
من يدري ما يجول في خاطره ، ولكنني أتمنى أن يعرف ما يقبع في نفسي.
في نفسي أشياء يعجز الكلام عن التعبير عنها أو حتى التلميح اليها.
.................................................. .
دائما ما كنت مترددا هل أتجرأ وأهدم هذا الجدار أم أستمر في النظر اليه خلسة، أتمنى أن أعرف ما يوجد وراءه،.....
ولكني أخاف ما وراءه، هل سأجد الجنة أم النار؟
رأيت ذات يوم شرارة تلمع خلفه ، فهل تكون دليلا على النار أم تكون ومضة من الجنة .
أتمنى أن تكون ومضة ، ولكني ربما أكون مخطئا.
كل من رأى تلك الشرارة أكد لي بأن النار ستكون مصيري، اذا تجرأت يوما وتجاوزت ذلك الجدار.
................................
الجدار يزداد سمكا، وهدمه يزداد صعوبة ، ولكن الأمر أسهل بكثير، اذا أخبرني صاحبه الحقيقة حقيقة ما وراءه.
هو الذي سيدفعني للأمام أو سيبقيني مكاني أتأمله و أعد الأيام.
وليس الأمر هكذا فقط بل ان حدوده تمتد الى جوانب أخرى فلربما تمكنت يوما من هدمه ووجدت الجنة خلفه ، كما تمنيت دوما ولكن هل ستبقى تلك الجنة كما هي ، أم ستصبح نارا هي حتما أشد من النار الأولى فهي مليئة بالحزن والألم.
..............................................
نعم . انه القدر فلا أحد يعلم الغيب الا الله.
أنا لست متأكدا من شيئ الا أمرا واحدا، وهو أنني لو عرفت بأن الجنة خلف هذا الجدار فلن أستطيع هدمه الان فهذا من سابع المستحيلات.
.................................................. ...
لقد ملأت هذه القضية فكري ووجداني ، حتى أنني لم أعد أستطيع التخلص منها ، أو حتى التفكير في غيرها.
ولكني سأبقى دوما في الانتظار و لن أيأس ابدا، ولن أفقد الأمل فالأمل هو الشيئ الوحيد الذي سيمكنني من هدم هذا الجدار يوما ما.