|
رَمْزَ البَدَاوَةِ.. وَ السُّمَّارٍ.. وَ القَمَرِ |
بيتَ النَّدَى وَ القِرَى.. يَا خَيْمَةَ الشَّعَرِ |
كُنَّا..وَ كَانَتْ..وَكَانَ الدَّهْرُ يَجْمَعُنَا |
فِي المُلتَقَى المُنْتَقَى.. فِي أَنْبَلِ الأُسَرِ |
بِالأمْسِ أَسْكُنُهَا.. وَ اليَوْمَ تَسْكُنُنِي |
ذِكْرَى تُؤَرِّقُنِي .. فِي آخِرِ العُمُرِ |
عَدَتْ عَلَيْهَا رِيَاحُ العَصْرِ فاَنْدَثـَرَتْ |
وَ أَصْبَحَتْ أثَراً.. مِنْ جُمْلَةِ الأَثَر |
إِنِّي أرَاهَا - بعَيْنِ الوَهْم - شَاخِصَةً |
شَمْطَاءَ بَيْنَ الرَّوَابِي..قُرْبَ مَنْحَدَرِ |
فِي رَوْضَةٍ مِنْ رِيَاضِ الشِّيحِ هَيَّجَهَا |
فَصْلُ الرَّبِيعِ بِزَخَّاتٍ منَ المَطَرِ |
هَبَّتْ عَلَيْهَـا مِنَ الجِرْجِيرِ رَائِحَة ٌ |
مَمْزُوجَة ٌبِشَذَا نُعْمَانِهـَا العَطِــرِ |
كَقُبَّةٍ نُسِجَتْ .. صُوفٌ فَلَائِجُهَـا |
أطْنَابُهَا فُتِلَتْ مِنْ خَالِصِ الوَبَـرِ |
أَثَـاثُهَا مِنْ تُرَاثٍ بَاذِخٍ .. وَ زَهـَا |
فِيهَا فِرَاشٌ بِلَوْنٍ أَحْمَـرٍ نَضِرِ |
إِنِّي أَرَاهَا.. وَ لَيْتَ الوَهْمَ يَحْمِلُنِي |
حَمْلاً إِلَيْهَا.. فَـتُقْضَي غَايَـةُ الوَطَرِ |
مَا أَجْمَلَ الصُّبْحَ.. مَا أَبْهَى المَسَاءمعاً |
فِي بَيْئَةٍ زَخرفتهَا رَوْعَةُ الصُّوَرِ |
تَرَى المُرُوجَ وَ فِي أرْجَائِهَا غنَمٌ |
قُطـْعَانهَا مِثْلَ مَنْثُور مِنَ الدُّرَرِ |
وَ لِلرُّعَاةِ حُضُورٌ فِي جَوَانِبِهـَا |
حُرَّاسُهَ من دَبِيبِ الرَّوْعِ وَ الضَرِرِ |
أَيْنَ الأَحِبَّةُ وَ الكَانُونُ مُتَّقِد ٌ |
وَ نَحْنُ حَوْلَهُ سُبـَّاقٌ إِلَى السَّمَرِ |
لاَ صَوْتَ إِلاَّ نُبَاحُ الكَلْبِ يَقْطَعـُه |
ثُغَاءُ شَاةٍ.. وَ رِيحٌ حَنَّ كَالوَتَرِ |
أَيْنَ الغَرَائِرُ وَ الحَمْرَاءُ شِكْوَتُهـَا |
تَئِنُّ عِنْدَ الضُّحَى أَنَّاتِ مُنْكَسِرِ ؟ |
أَيْنَ الأَثَافِيُّ.. أَيْنَ النُؤْيُ أَيْنَ أَنَا |
مَنْ ذلِكَ العَيْشِ فِي فِطْرِيَّةِ الغَجَرِ ؟ |
أَيْنَ الرَّحَى.. أَيْنَ مِنِّي خُبْزُ مَلَّتِنـَا |
المُشْتَهَى .. بِحَلِيبِ النُّوقِ وَ البَقَرِ ؟ |
أَيْنَ الكرام رِجَالٌ بِالتُّقَى عُرِفـُوا |
أيْنَ الكَرِيمَاتُ فِي خِدْرٍ وَ فِي خُمُرِ؟ |
البَاسِطُونَ يَداً..وَ الفَائِضَاتُ نَدىً |
قَدْ خَلَّفُوا كُلَّ شَمـَّاءٍ وَ مُعْتَبَرِ |
وَ ضَيْفُهُمْ سَيِّدٌ .. وَ هُمْ لَهُ خَدَمٌ |
يُقْرَى بِأَشْهَى طَعَامٍ .. لَمْحَةَ البَصَرِ |
وَ لاَ تَكَلُّفَ فِي عَادَاتِهِمْ أبَداً |
سَهْلُ الخَلِيقَةِ مَأْلـُوفٌ بِلَا حَذَرِ ! |
وَ الخَيْلُ تَعْرِفُهُمْ .. فُرْسَانُ صَهْوَتِهَا....لاَ يَرْكَبُونَ سِوَى الطـَّيَّارِ كَالشَّرَرِ |
مُحَجَّلٍ .. أَدْهَمٍ .. يَزْهـُو بِغُرَّتِهِ....يَحْمِيهِ خَالِقُهُ مِنْ أَعْيُنِ البَشَرِ ! |
وَ دُونَ مَرْبَطهِ.. لِلنُّوقِ مَبْرَكُهـَا....عَفْرَاءَ فِي كَسْبِهَا فَخْرٌ لِمُفْتَخِرِ |
هُمْ أَهْلُهَا.. خَلَّدُوا ذِكْرَى مَآثِرِهَا |
لاَ يَرْحَلُونَ فَـإِنْ شَحَّ الحِمَى رَحَلُوا |
مِثْلَ القَطَا - فِي البَرَارِي - دَائِمَ السَّفَرِ |
أَهْلُ المُرُوءَةِ لاَ تُخْشَى غَوَائِلُهـُمْ |
هُمْ خِيرَةُ النـَّاسِ فِي صَفْوِ وَ فِي كَدَرِ |
ضَاعَتْ بِضَيْعَتِهِمْ أخْلاَقنَا هَدَراً |
ذَابَتْ ثَقَافَتُنا فِي حَمْأَةِ الحَضَرِ |
مِنِّي عَلَيْكِ سَلاَمٌ يَا صَدَى صِغَرِي |
يَا نَخْلَةَ المُنْحَنَى .. يَا جَارَةَ القَمَرِ |