قبل عشر سنوات تقريبا خرجت وزملائي إلى رحلة لأحد الأودية وقد حصل في هذه الرحلة العديد من المواقف الطريفة فكتبت هذه الأرجوزة ذاكرا بعض هذه المواقف
ورحلة في سالف الخميس كنا بها في صحبة للتيس تيس عجيب زان منه منظر ومثله بين التيوس يندر في شكله في قده المصقول في قيمة وسعره المعقول مكتنز في اللحم والشحم معا والحسن والكمال فيه اجتمعا شراه من مطعنه الجواحي واقتاده في الظهر في انشراح وقال يا قوم لقد فزنا به فهل له في الوصف من مشابه سلمه في الليل نحو الفارسي للقدر المر وحظ بائس يقوده في شدة ويوثقه كاد به يودي وكاد يخنقه أخرجه الفجر من الزريبة لحالة شديدة عصيبة وضيع الحبل فراح يمسكه في شدة حتى لكاد يهلكه وأذعن التيس لحال النكد وظن هذا حاله للأبد وقال هذي هي حالات الزمن طورا به سعدى وتارة محن وحد سكينا أمام التيس فقال هذا اليوم يوم بؤس إني أرى السفاح ذا السكين مشمرا لذبحي اليدين وقال خلوا شأنه وانصرفوا إني بهذا الأمر منكم أعرف وابتدر التيس وراح يقطع لكل عرق فالمقام أفظع لم يجعل السكين في الأوداج فظل ذاك التيس في هياج ثم أخذنا النار صبحا نوقد فتارة تورى وأخرى تخمد وقال يحي إنني خبير بالحنذ يا قوم أنا البصير قلنا له ذا الجمر دون الحاجة ما منضج في اللهب لو دجاجة فقال هذا حانذ حتى الجمل فلا تكونوا يا رفاقي في وجل وشمر الكف وراح يحنذه وفي صغار الجمر صار ينبذه قال أهيلوا الترب يا رفاقي كي تظفروا بأطيب المذاق وأغلقوا وأحسنوا الإغلاقا ولتجعلوا من فوقه أطباقا تم انجهنا نحو ماء الكتف والجو أنسا للنفوس يضفي رحنا نسلي النفس بالسباحة ونكبحن من جوعنا جماحه نأمل الغداء بالحنيذ بلحم تيس طيب لذيذ ثم انصرفنا في اهتمام للطهي نحلم باللذة والأكل الشهي ثم انبريت نحو طبخ كالبطل بدأت مهتما بتقطيع البصل فصار دمع العين منها يجري يسيل في خدي وفوق صدري وما بكت عيني من حزن ولم أكن لأشكو من تباريح الألم حتى التقى بالماء في المسيل واجتمعا في ملتقى طويل هذا فرات في مذاق عسل وذا أجاج في مذاق حنظل وجريا في سرعة للبحر إذ يستوي الدمع وماء النهر وعقدا في البحر عقد صلح إذ صار كل طعمه كالملح في خلسة أروح للتنور أحسه فليس بالحرور فانثني بخاطر مكسور وخافق من حزنه مفطور أقول ظني أنه لم يحنذ والصحب قالوا بالإله عوذ وأمل الخير عساه ينضج في طيب الحال لنا سيخرج آه من الجوع وما من صبر أأشتكي للدوم أم للضبر أم ألجأ اليوم لماء الكتف لعله حرارتي سيطفي لما رأيت اللحم ظل نيا أورث لي في القلب كيا كيا كأنه ما مس نارا قط ولا على الجمر له قد حطوا يبكي دما يخدعنا تمويها كأنه لاقى العذاب فيها فقلت يا قوم نعيد الكرة لعلنا نظفر هذي المرة فما تركنا في نواح عودا إلا جعلناه له وقودا وجمع الحطب فقلت هبوا والنار إن شئتم حنيذا شبوا وشبت النيران في التنور فلم تدع في الجو من طيور إلا هوت فيها من الحرور نادبة لحظها المرير وكلما حلق طير وارتفع من لهب النار على الأرض وقع وأصبح الدخان كالضباب والجو أمسى منه في اكتئاب صاح بنا التيس لترحموني من لهب التنور أخرجوني فقلت يا قوم احذروا تصديقه فالمكر أضحى عنده طريقة دعوه يمسي فوق جمر من غضا ويصبر اليوم على مر القضا فكم تلقى في الحياة مشكلة وكم له في دهره من معضلة يارب أخرج تيسنا محنوذا واجعله في مذاقه لذيذا