الكتابة فعل وممارسة
الكتابة فعل وممارسة, وعندما نكتب فإننا نوجد ونمارس وجودنا. الكتابة إشراق أبدي
يمكن أن يغير فينا أشياء كثيرة , والكتابة التزام وموقف وليس قفزا على الحبال , إنها حمل للقلم من أجل الأفضل, ونحن حين نكتب لا ننضد كلمات وحروفا , أو ننشئ
نصوصا وفقرات بل نخلق حياة متفاعلة ومتحركة مليئة بالمشاعر والعواطف..إننا حين نكتب نحاسب الزمن والمكان , ونخلق التاريخ ونحدد المواقف...
حقا الكلمات أصغر من تحوي الواقع وتستوعبه ,ولكنها على كل حال قادرة على أن تعبّر ولو جزئيا عن هذا الواقع. وتجعله جديرا بالتمحيص والفحص والتأمل.
ان الكتابة في رٍأيي تفاعل بين الذات والموضوع . وصناعة العقل والواقع , ولا أحد يستطيع أن يثبت بأن الكتابة يمكن أن تخلو من رموز الواقع أو العالم الخارج عن ذواتنا , كما أن لا احد يستطيع أن ينفي تأثر هذه المعاني والرموز بإسقاطات العقل والحواس عليها.
وكل كتابة تسعى الى تغليب جانب من الجانبين الآنفي الذكر , تعتبر ممجوجة وجافة , فالحكمة تقضي بأن نعطي الفرصة فيما نكتب للتفاعل المشار إليه في السابق حتى نضمن لكتابتنا خصوبة فكرية وحضورا واقعيا وننتصر للحياة ونجعلها تأخد مجراها الطبيعي دون تهويم أو ضبابية ..
وقيمة كل كتابة تكمن في مدى فاعليتها, وأخدها بالمقاييس الجمالية والأخلاقية الراقية التي تجانب التزييف, واللاحقيقة .
ويجدر بنا في هذا الصدد ان نشير الى أنه من الضروري لأي كتابة , أن تلتزم الصدق والبحث عن الحقيقة, وتحاول مقاربتهما جهد المستطاع وإن كان في ذلك عسرا وصعوبة, لأن ذلك سيضمن لها استمرارية وخلودا ابديا.
آخر الكلام :تقول الكاتبة الوجودية سيمون دو بوفوار في كتابها قوة السن الذي ترجم الى العربية بتصرف تحت عنوان انا وسارتر والحياة:
كنت أتمسك بالقول بأنالواقع يفيض عن كل ما يمكن ان يقال ويجب ان نواجهه في ابهامه وفي كثافته بدلا من ان نحيله الى معان يعبر عنها بالكلمات ..وكان سارتر يجيب اذا اردنا كما كنا نتمنى ذلك ان نملك الاشياء فلا يكفي ان ننظر وان نتأثر يجب ان ندرك معناها ونثبته في كلمات
محمد محضار نونبر 1986