محنة أسير!
* رحم الله (المعتمد بن عباد ) ، الملك الشاعر، حاكم إشبيلية الذي نُقِلَ من عِزِّ الملك
في (قصر المبارك) بإشبيلية ، إلى ذُلِّ الأسر في بيت وضيع في مدينة (أغمات ) بالمغرب .
لقد أزرى به الدهر، وقهر المرابطين الذين أذلوه ، وقيدوه بالحديد ، وضيقوا عليه وعلى عائلته في العيش
وأجبروا بناته الكريمات على غزل الصوف وبيعه في الأسواق ، فلا يجدن حتى من يشتريه بثمن بخس.
لقد وصلت بهم الفاقة ، ومرارة العيش إلى قبول الصدقة من الناس الذين حركتهم فضائل الرحمة والإشفاق.
* كتب ابن عباد هذه الأبيات يرثى فيها نفسه ، وحال بناته يوم العيد وهم في الأسر :
فيما مضى كنت بالأعياد مسرورا ***** فساءك العيد في أغمات مأسورا
ترى بناتك في الأطمار جائعة *** ** يغزلن للناس ما يملكن قطميرا
برزن نحوك للتسليم خاشعة ***** أبصارهن حسيرات مكاسيرا
يطأن في الطين والأقدام حافية ***** كأنها لم تطأ مسكاً و كافورا
لا خدّ إلا ويشكو الجدب ظاهره ***** وقبل كان بماء الورد مغمورا
لكنه بسيول الحزن مُخترقٌ ***** وليس إلا مع الأنفاس ممطورا
أفطرت في العيد لا عادت مساءته***** فكان فطرك للأكباد تفطيرا
قد كان دهرك إن تأمره ممتثلاً ***** فردك الدهر منهياً ومأمورا
من بات بعدك في ملك يُسَرُّ به.***** و بات يهنأ باللذات مسرورا
ولم تعظه عوادي الدهر إذ وقعت ***** فإنما بات في الأحلام مغرورا
قال الله تعالى : " إن يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِّثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ "
سورة آل عمران.﴿140﴾ .
ارحموا عزيز قوم ذل ، وغنيا افتقر.. اللهم لا شماتة.
قصر المبارك بإشبيلية للمعتمد بن عباد