وقفتُ على ربى البتراءِ أبكي
....................وكان الناسُ من حوْلي قُعودُ
فقلتُ لهم: قِفوا والشعرُ يُصغي
......................إليَّ وقد غزتْ بدَني رُعودُ
وما وقَفوا على الأطلالِ مثلي
....................بل انفرَطوا.. فناقَتُهمْ شَرودُ
صخور الرَّمْلِ قد نُحتتْ كنوزاً
....................بلوْن الورْدِ تحسدُها الوُرودُ
هنا الأنباطُ.. سادوا ثم بادوا
.....................هنا التاريخُ أذهَلهُ الصُّمودُ
منائرُنا لها الأيامُ تجثو
........................فذي إرَمٌ وتشبهُها ثمودُ
وذي جرَشٌ بماضيها تُباهي
.......................وتدمرُ غادةُ الشام العَنودُ
وبابلُ في العراقِ بلا مَثيلٍ
.........................مع الأهرامِ آيتُها تَسودُ
بعلبَكُ في ذرى لبنان تعلو
...................ومن قرطاجَ قد مرَّتْ عُهودُ
وذي عكا .. وفي عكا إباءٌ
.......................يؤرِّقُها وليسَ له حدودُ
وفي :غمَدان» معجزةٌ تراها
........................وبنيانٌ تُداهمهُ السدودُ
ومغربُنا بأندلسٍ تماهى
..................مع الحمراء تحرسه الأسودُ
هنا وهناكَ أمثلةٌ تجلَّتْ
....................لأمجادٍ وجوْهرها الوجودُ
فللإغريق والرومانِ أيدٍ
.................عيان العينِ يجحَدُها الجَحودُ
هناك الصينُ تبهرُنا بسورٍ
......................وتاجُ الهندِ توَّجَهُ الخلودُ
ولـ«المايا» تظاهرةٌ ومجدٌ
.............كما الـ«الأنكا» على أمَم ٍ تَجودُ
وفي الدنيا إذا اندرَسَت ديارٌ
..................تشيرُ لها الخرائبُ واللحودُ
حضاراتُ الزمانِ لها امتدادٌ
..................ترى أينَ الذي كَذبت يَهود؟
فلا أثرٌ لهم في الكونِ يبدو
.....................ولا ظلٌّ يُشاهدهُ الشهودُ
وما في القدسِ يلمحُهمْ ترابٌ
.................فكيفَ إذن تُكال لهمْ وُعودُ؟
وكيفَ ترُى نذلُّ لهمْ ومنّا
..................على دمنا تساوِمُهمْ وُفودُ؟
وأسئلةٌ تدورُ على لساني
...............فتجهضُهاُ الزواحفُ والقرودُ