سؤال وجه الى مرتين خلال أسبوع سيدفعنى لتحرير عدة مقالات للاجابة عنه بالتفصيل لأهميته - ان كان فى العمر بقية ان شاء الله - .. لكن ما أجمل ما أجاب به وحيد الدين خان ، وفور سماعى السؤال استحضرت كلماته العميقة الكاشفة ، حيث فرق بين الضوء المنبعث نتيجة احتكاك حجرين والذى سرعان ما يخبو وينطفئ ، والضوء المنبعث من الشمس ، فهى ملتهبة فى الفضاء الرحب تصدر عن مخزن لا ينفذ من الآشعة والحرارة . هذه الحالة تنطبق على الحركات الاسلامية ؛ فمنها ما نشأ كرد فعل مؤقت ومنها حركات نشأت كضوء منعكس من نور الله الأزلى ، فكانت مظهراً دنيوياً لمحاسن أخروية أبدية . تبدو كلتا الحركتين " اسلاميتين " فى الظاهر وشكلهما الخارجى ، الا أنهما فى الحقيقة ثمة فارق جوهرى بينهما كالذى بين الشمس والشرر الصادر من احتكاك حجرين ؛ اذ أن الأولى نشأت كرد فعل انسانى ونتيجة للأوضاع المحيطة بها ، وهى لا تصدر الا شعاعاً مؤقتاً وعابراً - عابراً حتى ولو استمر سنوات - أما الثانية فهى عبارة عن ظهور حب العبد لربه وتعلقه به ، وصورة منعكسة للحياة الأخروية الراقية ، وحصيلتها فتح باب الجنة الأبدية . الحركة الاسلامية الايجابية - مع العلم بأن المصطلح ناله الكثير من التشويه والتسطيح - حركة تنهل من فيض الله ، بينما تنهل حركة رد الفعل من تأثرها بالأوضاع المؤقتة ، كما أن الحركة الاسلامية الايجابية كان زمن النبى صلى الله عليه وسلم هو بداية انطلاقتها ، أما حركة رد الفعل فهى نشأت مؤخراً نتيجة أوضاع سياسية تارة وغير سياسية تارة . عودة منهجية الى " الحركة الاسلامية الأصيلة " التى أسسها وأنشأها ووضع مناهجها وحدد مقاصدها وأهدافها محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم .. لا حركة فلان وعلان . الدين - كما يقول المفكر الملهم وحيد الدين خان - لا يعنى اثارة الشغب فى الخارج وانما يعنى انبات الزهور المرضية لله فى حديقة الله ، وأن يطهر المرء نفسه لتصل نفسه الى أعلى مستوى من الطهارة والبراءة .. كالمستوى الشعورى لعالم الملائكة . فأين هذا المستوى مما نراه ونشاهده ونقرؤه اليوم ؟ هذه قضية ليست سهلة أو عابرة ، فهى متعلقة بالاشكاليات والصراعات والانقسامات الحادثة اليوم ، ومرتبطة رأساً بمنهجية الانطلاق والأداء .. ومن ثم الاختلاف فيسلك هذا مسار وذاك آخر ؛ وحتماً سيؤدى ذلك للعودة الى السؤال المنهجى الأساس .. من نحن وماذا نريد ؟ وما مهمتنا وأدوارنا ؟ وما هى مقاصدنا وأهدافنا ؟