رحلوا وقد سكنوا القلوب وعشّشوا
فيها فهبني مقلةً لا تجهشُ !
رحلوا ونحن هنا نسافح خوفنا
شعرًا على جسد السطور يُخربشُ
سنّوا أظافرهم نسورًا جرّبتْ
وجع المخالب عندما لا تنهشُ
لنسنّ كالفتيات من صرخاتنا
سنّ الرماح أطافرًا لا تخدشُ
فالأرض أمٌّ هيّأت زغرودةً
لفجيعةٍ عن كلّ عينٍ ترمشُ
وبآية الفجر الأخير لأجلنا
ستردّ من لليل عمدًا أغطشوا
لتقول للصحراء أحفادي الأُلى
أمروا الغيوم فأمطرت لن يعطشوا
فقدت بكارتها البلاد ونحن في
شعرٍ نـشهّر بـالـذيـن تحرّشوا
ونقاتل الدنيا بثوب عفيفةٍ
في كأسها ولغ الزناة فأفحشوا
فالموت للشعراء / حين استمرأوا
ذلّ الدنوّ من السموّ استوحشوا
والمجد للشهداء / حين تعلّموا
فضل السموّ عن الدنوّ / توحّشوا
ردّوا إلى اللغو الحرام نبيذهُ
فالصمت للكرْم الحلال يعرّشُ
ما أعظم الشهداء ! من كلماتنا
يتبرّؤون فيصمتون ليُدهِشوا
ينسون فضّتنا المثيرة كلّما
عن صرّة الذهب الأخيرة فتَّشوا
فابن الغضنفر إن أشار بمخلبٍ
أدمى وهرّ البيت ظلّ يخرمشُ
مُذ قال أعمى قومهِ : لا مبصرٌ
غيري فزدتُ : وكلّ راءٍ أعمشُ
لي كلّ أبناء السماء وما دنت
منّي ببعض حديثها قد وشوشوا
قالوا الكثير عن الكثر وفجاءةً
صمتوا وساد الصمت صمتي الموحشُ
فرأيتُ بعض دمي على أجسادهم
ودماء أصحابي الذين تدروشوا
فعلمت أنّ الله قد طلب الفتى
وهتفت يا أمّاه لي لا تفرشوا
سأكون ضيف الله بعد قصيدةٍ
وأقلّ يملؤني رضاك المنعشُ
فلْتقرئي " لا تحسبنّ..." وزغردي
فأضمّ ريشي في الجنان وأنفشُ