غابتْ فغابَ السعدُ في وجه الشفقْ
وتكدّرَتْ بعدَ النوى قطْرُ الغدقْ
ودَعَتْ صباحاتي كؤوسَ غياهبٍ
و سقَتْنيَ الآهاتِ من سُبلِ الأرقْ
و طويتُ عمري بين أطيافِ الهوى
لأُرتِّقَ الصبرَ المريرَ إذِ انفتقْ
إنِّي طمستُ الشوقَ إثرَ تولّعي
طوبى لها النبضُ الشجيُّ قدِ احترق
راح الزمانُ وراحتِ البلوى بهِ
وبقيتُ أحصي الذكرياتِ مع الغسقْ
حتى إذا ما النائباتُ تباعدتْ
جاءت ضروسٌ تنتشي فيها الفِرق
شخصتْ لِحاظي دهشةً لما طغى
سيلُ النوائب جارفاً قُطُفَ الحبَقْ
والقادةُ الحكماء فوقَ غبائهم
يتراكبون على الخنا طَبَقَاً طبقْ
متجاهلينَ البغيَ رغمَ ولوجهِ
سمَّ الخياطِ و هم على ذاتِ النسقْ
نهشوا لحومَ الناس واستبقوا الخِبا
سرقوا الغذاء وأغرقونا في المرَقْ
عمّ البلاءُ وضاقت الدنيا على
شُمِّ الرؤوس وصوتُ طبلِ الحرب دقْ
بغدادُ لا تبْكيْ رجاءً يا ألق
لا تحزني فالقلبُ من بلواكِ رقْ
نادي دمشقَ تُجبْ نداءكِ غيرةً
واستصرخي صنعاءَ من موجِ الغرقْ
آخي طرابُلسَ الأبيّةَ إنها
غرقى الدماءِ و مرَّها ركبُ الحمقْ
عَرَبٌ سكارى لو أتاني ذكرهمْ
لتلَوتُ بالسبع المثاني والفلقْ
مع سورة الإخلاص و الرحمن ثمّ
الناس والكرسيْ وطهَ والعلقْ
مسترقياً متعوذاً بالله من
شرِّ النفوس ومن وساوسِ ما خلقْ
أنا ما قصدّتُ الثائرين وإنّما
قصدي السفيهُ رأى الملاحم ما نطقْ
يا أمّةً ركبَ الخنوع متونها
فيقي فإنّ الركْبَ بادر وانطلقْ
قومي انفضي أثر المذلّةِ وامتطي
صهو الكرامة إن وقتَ الحقِّ حقْ