س: من هم الأدباء والشعراء الذين تأثرت بهم؟ وما زلت تنهل من إبداعاتهم حتى الآن كقدوة ومثال لك؟
أتيح لنفسي القراءة بكل حرية وبدون قيد أو شرط. لذلك أقرأ على سبيل المثال اللزوميات وسقط الزند للمعري ودواوين المتنبي وزهير أبي سلمى لما تحتويه على حكمة، كما أقرأ دواوين عمر بن أبي ربيعة وأبي نواس لترتوي الروح من نبع الحب والغزل.
لا بد لكل شاعر جاد فلسطيني وعربي أيضا أن يقرأ لأبي القاسم الشابي وجبران خليل جبران وأحمد شوقي ونزار قباني وفدوى طوقان ومحمود درويش وسميح القاسم والقائمة طويلة جدا. ولا شك أن وجودي في دولة عريقة في الأدب والفن والعلم قد أثرعلي بصورة كبيرة. لقد ساهمت الغربة في صقل شخصيتي. هنا في ألمانيا قرأت الكثير من الأدب الألماني والعالمي، مما فتح آفاقا جديدة لي.
لا شك أن كل إنسان يتأثر بما يقرؤه ويعيشه. ولكل شاعر "وصفته وأجنحته" الخاصة للتحليق. وتباين الشعراء لا يعني أفضلية شاعر على آخر. فالاختلاف صحي وضروري ويزيد الشعر جمالا ويغني الحواس. ولذلك أبتعد عن الأحكام المسبقة سواء في " تعظيم " أو " تهشيم " أي شاعر. والاستمتاع بالقراءة ضروري بالتأكيد للإبداع ولكنه لا يكفي وحده لذلك. الإبداع يعني ابتكار الجديد والابتعاد عن التقليد. وهذا ما أحاول أن أجسده فيما أكتب.
س: أنت عضو في العديد من المنتديات الثقافية والادبية ولك موقع خاص باسمك - فهل استطاعت الشبكة العنكبوتية تقديم الانتشار والتواصل بين الأديب والمتلقي؟
ج: لا شك أن العولمة والتطور السريع في عالم النت ساعد كثيرا على انتشار ما هو بديع وما هو رديء على حد سواء. لكني أعتقد أن الإيجابيات تفوق كثيرا السلبيات. إن المكسب الحقيقي يكمن في تكون نواة أدبية متفاعلة بسرعة مع بعضها مما يدفع بعجلة الأدب إلى الأمام. لقد برزت وجوه جديدة لا تقل جمالا وإبداعا عن الشعراء المعروفين من خلال كتاباتهم الورقية. بعض الوجوه يضيف ألوانا جميلة ونوعية للوحة الشعر والأدب في العالم العربي. إن إقامتي في الغربة ستكون أكثر قسوة دون هذا التواصل الثقافي مع الشعراء العرب بغض النظر عن مكان إقامتهم.
س: بصفتك مهندس مدني هل تجد إن المهنة لها تأثير على الإبداع الشخصي للكاتب؟
ج: إن الكاتب والإنسان له شخصية متكاملة متنوعة. فهو الشاعر والمهندس والزوج والحبيب والأب والإبن والأخ. فهو الوطني الذي ينادي بالحرية وهو العاشق لكل ما هو جميل في التراث الإنساني. وكل قصيدة يكتبها الشاعر تعبر عن جانب أو أكثر من شخصيته. إن العمل يغني تجربة الشاعر مما يزيد قصائده عمقا وروعة. إن الشاعر الأكثر إبداعا هو الذي ينخرط في الحياة ولا ينعزل عنها ويستمد قوة شعره من قلب الحياة المتدفق.
س: ما هي مشاكل الكاتب العربي المغترب؟ وما هي العراقيل التي تواجهه في التواصل مع القارئ العربي؟
ج: إن الابتعاد عن الوطن يشكل حاجزا جغرافيا للمشاركة الفعالة في إحياء أمسيات شعرية فيه. لقد وصلتني دعوات عديدة للمشاركة في أمسيات شعرية ومؤتمرات أدبية مختلفة على سبيل المثال في الجزائر والمغرب وتونس ومصر والأردن وفلسطين. إلا أنني لا أستطيع تلبيتها جميعها بسبب هذا البعد. مشكلة أخرى تكمن في الابتعاد عن دور النشر مما يصعب من نشر دواوين شعرية ورقية.
س: لقد حصلت على عدد من الجوائز؟ حدثنا عنها - وما مدى تأثير ذلك في الكاتب؟
ج: حزت على الجائزة الأولى في مسابقة شعرية عام 1975 في مدينة بيت ساحور (فلسطين). كما نلت جائزة ثقافة الطفل للثقافة والفنون في مجال قصة الطفل لعام 2007. كما حازت قصيدتي " ألف وباء وطن وفاء " جائزة الأرض من منتدى إنانا لعام 2009.
إن أي جائزة تشكل دون شك تقديرا للمبدع وتساهم في شحذ الهمم من أجل الاستمرار والرقي. ولكن لا يجب أن نكتب أو نشارك من أجل اصطياد الجوائز. إن مشاركاتي في المسابقات المذكورة كانت من أجل المشاركة في تظاهرات ثقافية وليس بسبب الجوائز. بسبب خبرتي الطويلة التي تقارب الأربعين عاما يطلب حاليا مني كثيرا المشاركة في لجان تحكيم متعددة لمسابقات شعرية حديثة في الوطن العربي.
س: ما رأيك بالترجمة؟ وما وسيلة المبدع العربي كي يصل إلى العالم؟
ج: الترجمة نافذة واسعة للعالم علينا أن نفتحها على مصراعيها. هي جسر للتواصل بين مبدعي العالم. إن الأدب رسالة إنسانية رائعة والأدب العربي يشكل جزءا رئيسيا فيها ولكن علينا أن نطّلع على إبداع الشعوب الأخرى كما علينا أن نترجم أعمال أدبائنا لنساهم في إثراء الحضارة الإنسانية وكي لا نكون مجرد مستهلك لثقافة الآخرين. قليليون من أدبائنا هم الذين ترجمت أعمالهم بصورة كبيرة وجميلة وأخص بالذكر جبران خليل جبران. وكثيرون من أدبائنا ظلموا لأن أعمالهم لم تترجم أو ترجمت بصورة ضعيفة وأخص هنا الشاعر محمود درويش.
إن ترجمة أدبنا تعتمد أحيانا للأسف على الصدفة وعلى مبادرات شخصية فردية وهذا يشكل الحد الأدنى ولا يرتقي لمتطلبات الثقافة الإنسانية. إن المؤسسة العربية الرسمية مقصرة لا شك في هذا المجال.
س :- ترجمت قصائدك للغات : الإنجليزية، الفرنسية، الألمانية والكرواتيةحدثنا عن ذلك - وهل الترجمة تنقل روح العمل أم نصه ومعناه ؟
ج: إن الترجمة مهنة وفن وليس كل من يعرف لغة يستطيع أن يترجم منها أو إليها. وترجمة الأدب بروحه وخياله أصعب بكثير من ترجمة نصوص علمية دقيقة محدودة التأويل.
طبعا ترجمة الشعر العربي للغات أجنبية يفقده بعض جماله ألا وهو الوزن (الإيقاع). والقصيدة الناجحة يجب أن تبقى جميلة حتى دون إيقاعها. لذلك يجب التركيز على الصورة الشعرية الجميلة وعمق المعنى وبعد دلالاته.