كنت منهكا للغاية بعد أربع ساعات من الاصطفاف في طابور الصراف الآلي ..
ولجت مطعما قريبا لأتناول لقيمات يصلبن طولي لمواصلة دوامة كل شهر بعد استلام الراتب ..
دخلت بنت صغيرة يبدو عليها رقة الحال ، لكن مهذبة للغاية ، تحمل بيدها علبة لمنتج بسكويت ..
تقدمت مني بابتسامة جزلة ..
قلت له بإعياء وإرهاق : انتظري حتى يأتيني صاحب المطعم
بالفكة ..
صمتت قليلا ..
لكن طفولتها أبت إلا أن تقذفني بسؤال : ـ هل لديك أولاد ؟
ـ نعم ..
ـ حفظهم الله لك ..
اشتريت منها آخر ما في جعبة علبتها ..
مضت .. بعد أن دعوتها لتناول أحد الشطيرتين اللتين أحرضهما نادل المطعم ..
لكن ابتسامتها ازدادت توهجا قائلة بلغة الحب : سأتناول العشاء مع أسرتي ..
ولكنني :
لن أنسى ملامحها ولا ذوقها وتعففها ..
وسأخلد في الذاكرة مزيدا من وجع الفقراء الذين هم أولياء الله وأحبابه في زماننا ..