ما بال الجدات اليوم ، فمنذ قليل قرأت ثلاث قصص لكاتب آخر تحمل نفس العنوان ،
وهذا يدعوني للتساؤل ، هل أصبحنا من الشجاعة بمكان حيث ننسب أرائنا للجدات ؟
أم لأننا مازلنا نحيا نفس المكان وإن اختلف الزمان ، ربما اتفق مع حاشية الأغا بوصفه رقيق القلب كريم ومتسامح ، مقارنة له بأغاوات اليوم . أما نحن فنعيش سجنا أضيق وأثقل ونرفض التحرر منه ربما لأننا مثل اهل القرية ، لم نعرف لنا مكانا غيره ، أو طريقة للعيش مختلفة ، سجنا نحمله بداخلنا وننتقل به مهما تجولنا ، سجن نحمل مفتاحه معنا ، فنحن المسجون والسجان بسجن الروح .
هل سمعت قصة السجين الذي قضى بالسجن ثلاثون عاما ، وحين منح حريته ، وجد نفسه في سجن اوسع ، هو العالم الذي لا يعرفه ، فحاول ارتكاب جريمة اخرى ليعود إلى سجنه الأول ، وحين فشل في ذلك ، انتحر ...............
ام هل سمعت أغنية " زياد الرحباني "
راح يقطعوا المي بها اليومين
- نرجع وبنسقي من العين .
راح يقطعوا النفس الباقي بها اليومين .
- نبقى بنتنفس بعدين .
أتحدث الآن عن القصة ، تبدأ بذلك الوصف المغاير للجدة عن باقي الجدات ، فهي "قليلة الكلام ....... " لتشبهها بحكيم الزمان ، وتضع عنصرا هاما من عناصر الفن القصصي وهو " التشويق " بالأضافة إلى وصف المكان والزمان " ليل الشتاء البارد " لتدخلنا في جو حميمي معتاد ، وهو السمر وقص القصص في الليالي الشتوية الباردة ،- وإن كان يترافق ذلك غالبا مع قص القصص المرعبة- .
والراوي الثاني هنا " الجدة " حين يختار لها المؤلف دور الراوي الاوحد العليم ، فهي الوحيدة التي تروي الحدث ، وبالتالي هي تسيطر علىه فلا يصلنا إلا من خلال وجهة نظرها الخاصة له ، فيتورط القارئ معها في تلك الرؤية الأحادية ، ولا يرى المشهد إلا بعينها ، فتكون له نفس التجربة الشعورية والانفعالية التي تنقلها له ، لذلك يقع تحت سيطرتها حين تمنحه نهاية مبتورة ناقصة ، لكن هذا يمنحه في نفس الوقت القدرة على صنع عدد هائل من النهايات من خلقه وابتكاره .
هذا النوع من السرد القصصي يغريني دائما بتخيل القصة حين تروى من الطرف الآخر .
ما رأيك لو أن الأغا هو الذي يروي نفس القصة لأحفاده .
ولكن تلك قصة اخرى
تحيتي لك وشكري على هذا التواصل الجميل
جيهان عبد العزيز