من تمنطق...تزندق..
ان الفكر البشري حين يتحرر ويخرج عن التقاليد، لايستطيع ان يحتفظ بطابع اليقين على اية صورة ، لانه حين يشك في امر واحد من امور حياته لايستطيع ان يقف في شكه عند هذا الحد، فالشك كالمرض المعدي لايكاد يبدء في ناحية حتى يعم جميع النواحي...لكن ذلك سيقودنا الى الحقيقة من خلال احتكاك جميع العقول الحية لان المجتمع البشري لايستطيع ان يعيش بالاتفاق وحده فلا بد ان يكون فيه شيئ من التنازع ايضا لكي يتحرك الى امام واكتشاف العلوم والهندسة والحساب وغيرها..اي ان المجتمع البشري سيكون في حالة سؤال دائم ( لماذ ا )
..لذلك جاء الاتهام على لسان البدائيين وكتبهم ...من تمنطق ...تزندق..
فالبدائي في رأيهم لا يتزندق لانه لا يشك .فالشك والتزندق لا يأتيان الا من خلال احتكاكه بالتمدن حيث تصيبه عدوى التمنطق .فهو يعيش في تراث الماضي السحيق يتمتع بأحلامه المحدودة وليس في تفكيره ان يقول(لماذا)
فهل صحيح ان التمنطق يقودنا الى التزندق؟؟ وهذا السؤال يقودنا الى سؤال اخر ذا صلة ..هل التجديد في الافكار هو ما يخشاه العلماء والحكماء؟؟ وهل صحيح ان حرية الفكر لا تجلب الا الشقاء؟؟
انا هنا لا اريد للموضوع ان يتخذ طابعا واحدا بقدر ما اود ربطه بموضوع المنطق بين الحداثة والقدم وايهما افضل.؟؟
ان التجدد الفكري يحتاج الى التحرر ولكن هل بأمكان احد ان يتحرر من قيوده الفكرية تحررا تاما؟؟
يجيب الدكتور علي الوردي عن هذا السؤال ..: كلا، فالتحرر المطلق غير ممكن ، ولكن بالامكان ان نتحرر نسبيا ولو بدرجات تتفاوت من شخص لآخر.يقودنا في النهاية الى البحث السليم عندمقارنة الاشياء مع نقيضها بعيدا عن التعصب . كالحق والباطل مثلا فهما امران متلازمان ، فحيث ما يكون الحق هناك باطل ينازعه في النفس البشرية يعتمد مقداره على درجة الايمان ومدى الالتزام بقواعد الاخلاق
ان من المفاهيم الجديدة الي يؤمن بها المنطق الحديث هو مفهوم الحركة والتطور وقد اصبح لزاما على (المتزمتين ) بأرائهم ان يدرسوا هذا التطور قبل ان يمطرونا بوابل مواعظهم الرنانة.
وفي مقالة حول تجديد الفكر يتطرق الدكتور زكي نجيب محمود الى السبل الكفيلة للوصول الى تلك القضية التي شغلت الكثير من المفكرين العرب من خلال سؤاله التالي: ..
ماذا نأخذ من التراث وماذا نترك؟؟
وبأختصار شديد يجيب على السؤال ...: يجب البحث عن تركيبة عضوية يتزاوج فيها تراثنا مع عناصر العصر الراهن الذي نعيشه لكي نكون عربا ومعاصرون في أن واحد .
وخلاصة القول هو يجب ان نرسم طريقا ملائما لحياة فكرية افضل تقودنا الى نهضة علمية وثقافية واجتماعية وتفتح نوافذا على ثقافات العالم بمنطق حديث متجدد بعيدا عن الضغوط المختلفة.