أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: هل تفلت إيران من قبضة مجلس الأمن؟

  1. #1
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Nov 2006
    المشاركات : 20
    المواضيع : 17
    الردود : 20
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي هل تفلت إيران من قبضة مجلس الأمن؟

    في العام 1987 وبعد أن قامت إيران مراراً بإلقاء ألغام بحرية في عرض مياه الخليج انتقاماً من السفن الكويتية التي تزود العراق بالأسلحة والذخائر بحسب الادعاءات الإيرانية، ما لبثت الكويت أن أبرمت اتفاقاً مع الولايات المتحدة يقضي برفع العلم الأمريكي على السفن الكويتية المبحرة في الخليج لتكون تحت الحماية الأمريكية. وبدورها لم تلبث الولايات المتحدة -التي قبضت على مجموعة إيرانية وهي تلقي الألغام في المياه الخليجية- أن أطلقت عدة صواريخ على منشآت نفطية إيرانية في مياه الخليج انتقاماً وتأديباً.
    كان الظن عند صانعي القرار في البيت الأبيض أن هذه واحدة من عشرات -إن لم تكن مئات- القرارات التي تتخذها الولايات المتحدة منفردة، ولم يخطر لهم على بال أن تنتهي هذه القضية بمحاكمة قانونية دولية للولايات المتحدة في أروقة محكمة العدل الدولية. ورغم مراوغات المحامين الأمريكيين، إلا إنهم غُلِبوا في مواجهة الدهاء الإيراني الذي أجبر الولايات المتحدة على مواجهة تهمة بخرق اتفاقية التعاون التجاري بين البلدين وُقِّعَت قبل أكثر من ثلاثين عاماً فكان أن قضت المحكمة بإدانة العمل العسكري الأمريكي ضد إيران.
    هذه القضية القانونية الدولية كانت كفيلة أن تعلم الولايات المتحدة والغرب أجمع أن العدو الجديد المتقمص العباءة الدينية ليس بالهين، وأن قواعد اللعبة الدولية مع هذا العدو مختلفة جداً عنها مع بقية الأعداء التقليديين. وأنه لا بد للغرب إذا ما أراد أن يكسب اللعبة مع إيران أن يتعرف أولاً على العقلية الإيرانية، وهو الأمر الذي لم يحدث إلى اليوم.
    فالاستنفار الغربي الحالي ضد إيران المتمثل في إحالة ملفها النووي إلى مجلس الأمن أو التهديد بفرض عقوبات قانونية ضدها أو التلميح بترك الخيار العسكري مفتوحاً، كل ذلك يدل على عدم إدراك الغربيين كنه العقلية الإيرانية المتعنتة التي ربما أجدت معها سياسة الترغيب والتسويف أكثر من سياسة الترهيب والتخويف.
    فحكومة طهران اليوم لا تقبل أن تقف موقف المذعن للضغوط الأمريكية والغربية لأن فيه تنازلاً عن كبريائها. ولو رغب الغرب إلى إيران بدايةً أن يكون بناء المنشآت النووية تحت إشرافه وبرعايته، لربما وجد الغرب إيران طيعةً له، ولاستطاع أن يحصل على ما يريد من تأمين مخاوفه. فالخوف الغربي من حصول إيران على المقدرة النووية يتمثل في جانبين: الأول خشية استخدام إيران لهذه الأسلحة الفتاكة ضد إسرائيل والثاني خشية وقوع هذه الأسلحة الفتاكة في أيدي الجماعات الموسومة "بالإرهابية" من أمثال القاعدة أو حزب الله أو غيرهما. ورغم إن التصريحات الجريئة التي أدلى بها رئيس وزراء إيران مؤخراً حول تشكيكه في المحرقة اليهودية ورغبته في طرد إسرائيل من الشرق الأوسط، لم تعن على غير الفهم الذي انتهى إليه الغرب، إلا إن سياسة طهران الخارجية الفعلية (de facto) أكثر عقلانية من سياسة واشنطن الخارجية، وكما يدل تاريخ إيران الحديث فإن طهران قد غيرت كثيراً من مواقفها الأيدولوجية لما فيه تحقيق مصالحها الوطنية القريبة، فكيف إذا كانت تتضمن تحقيق بناء مفاعلات نووية؟
    فالتاريخ الإيراني منذ الثورة الخمينية يشير إلى إن المواقف الإيرانية المعلنة كثيراً ما تتهشم أمام الواقع العملي للسياسة الإيرانية، وأن السياسة الكلامية لإيران لا تمضي بالضرورة كما ينبغي لها على أرض الواقع. ولعل هذا التناقض قد بدا واضحاً منذ الاختبار الأول لصدقية المواقف الإيرانية حين أعلنت إيران بعيد نجاح الثورة أن أعدى أعدائها هي الولايات المتحدة بصفتها "الشيطان الأكبر" وأن هذا العداء سيبقى مدى الحياة. ولكن ما لبثت إيران أن قبلت النوم مع الشيطان الأكبر في شراء صفقة أسلحة عرفت فيما بعد بقضية "إيران كونترا", بعد أقل من نصف عقد من الزمان على التصريحات الخمينية الأولى.
    قريب من هذا، الموقفُ الإيراني العَقَدي المتمثل في فتوى الإمام الخميني بإهدار دم الكاتب البريطاني الجنسية سلمان رشدي والذي -حين تصادم مع ردة الفعل الغربية العنيفة- تقهقر عملياً فلم يصاحبه على أرض الواقع مجرد محاولة لاغتياله. وبالتالي فإن الفكر الأيدولوجي للإمام قد عطل دون أن يُعلن عن وقف تنفيذه.
    ومثل هذا أيضاً, المواقف الإيرانية العلنية المتزمتة المتمثلة في الإصرار على إظهار مبدأ الولاء والبراء في موسم حج كل عام في شكل مظاهرات علنية ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، في حين لم يُر لإيران أو لأتباعهم في العراق أي موقف مماثل حتى هذا اليوم ضد الأمريكيين الذين تمكنوا من السيطرة على العراق بفضل الفتاوى التي صدرت من المراجع الدينية من أمثال السيستاني وغيره.
    شبيه بهذا أيضاً الموقف الإيراني بعد أحداث أيلول 2001، حين أرهبت الولايات المتحدة العالم بأسره بمقولتها المشهورة "من ليس معنا فهو ضدنا". إذ أعلنت الجمهورية الإسلامية أن لها موقفاً محايداً من الحرب الأمريكية ضد أفغانستان وذكَّرت العالم أجمع أنه لا يحق للولايات المتحدة أو غيرها من الدول أن تمنع حق الحياد المُقَرِّ بالقانون الدولي لأي دولة ذات سيادة. ولكن، وكعادة إيران في السبق الكلامي لا الفعلي سرعان ما تخلت الحكومة الإيرانية عن أيديولوجيتها واستجابت لمصالحها الإستراتيجية فسمحت للطائرات الأمريكية باستخدام مجالها الجوي لقصف الأهداف الأفغانية، وكفى بهذا دليلاً على خرق مبدأ الحياد المعلن.
    ولعل آخر المواقف الكلامية المعلنة هو ما دعا إليه رئيس الوزراء الإيراني نجاد من مساندة مالية لحماس من جميع الدول الإسلامية بعد فوزها في الانتخابات التشريعية إرغاماً للغرب، ولكن الحسرة كانت ترتسم على وجوه وفد حماس الذي عاد من رحلته إلى طهران بخفي حنين!
    هذه المواقف التي لم تعد تخفى، تؤكد من جديد أن اللعبة الإيرانية –التي لم يفهمها الغرب بعد- ما هي إلا سلسلة حلقات لم تستكمل بعد، وأن العلاقات الإيرانية-الغربية يمكن أن تعود كما كانت عليه في أيام الشاه، وإن كان الدهاء الإيراني يريد في هذه المرحلة أن يجمع بين المصلحة السياسية وزعامة المعارضة الإسلامية في التعامل مع الغرب.
    فطهران اليوم وإن كانت تهذي بما لا تريد فعله، فهي تتبع نهج "ارفع صوتك يخفك الناس". وإذا كان الغرب على درجة من السذاجة السياسية حيث يظن أن التصريحات الإيرانية عن المحرقة اليهودية أو إزاحة إسرائيل من الخارطة هي إيمان داخلي، فإن هناك طرفاً آخر في الشرق لم تخف عليه المناورات الإيرانية. ولا غرو إذاً ألا تُراع إيران من التهديد الأمريكي بإحالة ملفها إلى مجلس الأمن الدولي، فهي تبدو مرتاحة من التعامل مع الطرف الآخر الذي يفهمها. فالشرق يعلم أن إيران لا تستطيع ولن تستطيع مواجهة إسرائيل وأن الجعجعة الإيرانية حول إسرائيل ما هي إلا ضجة إعلامية لا تستحق أن يخاطر الشرق بمصالحه النفطية من أجلها. وهذا هو الأمر الذي يحاول الشرق ممثلاً في روسيا والصين إقناع الغرب به.
    ولعله من حسن طالع إيران أن تهور الولايات المتحدة في غزوها العراق بحجة حيازته أسلحة الدمار الشامل –والتي تبين كذبها لاحقاً- قد لاقت من الانتقاد العالمي ما يكفي لثني صانعي السياسة الخارجية الأمريكية عن التفكير في مخاطرة مماثلة. كما أنه من صالح طهران أن التجربة الأمريكية في العراق لا تعين أصحابها على تكرارها، إذ إن سمعة الولايات المتحدة القانونية الدولية اليوم قد تلوثت بما يغني عن جلب تهمة جديدة لها. من هذا المنطلق، فالحكومة الإيرانية قد ترى أن الخيار العسكري للولايات المتحدة حالياً غير مطروح من الناحية العملية وإن زعمت الإدارة الأمريكية غير ذلك علناً.
    خلاصة القول إذاً إن إحالة ملف إيران النووي إلى مجلس الأمن لن يغير كثيراً في الوضع القانوني أو السياسي لإيران. وأن مجلس الأمن لن يستطيع أن يفرض على إيران مالا تريده بسبب ضعف الموقف الغربي من جهة ومساندة الصين وروسيا من جهة أخرى. وإنه حتى لو اضطرت إيران لأن تعطي مواثيقها وعهودها سراً أو ربما جهراً للمجلس في أنها لن تستخدم أسلحتها النووية ضد إسرائيل في المستقبل فإنها سوف تفعل. وإذا ما حدث ذلك فربما تهيأت فرصة نادرة للعلاقات الأمريكية-الإيرانية التي طالت مغازلاتها لعقد قرانها عن قريب. ولكن السؤال الذي يجب أن يفزع له شعوب الخليج المجاورة هو: إذا لم تكن إيران تريد استخدام هذه الترسانة النووية ضد إسرائيل فضد من ستستخدمها؟

    محمود المبارك

  2. #2
    الصورة الرمزية د. محمد إياد العكاري شاعر
    تاريخ التسجيل : Jun 2006
    المشاركات : 717
    المواضيع : 40
    الردود : 717
    المعدل اليومي : 0.11

    افتراضي

    الحبيب القريب د.محمود المبارك
    الحركات البهلونية في السياسة هي ماتتبعه إيران لجلب المصالح إليها
    وأداءها على هذا النحوسياسة تنتهجها فكراً ومعتقداً
    كأني بحالها تجاه الغرب يقول
    أسمع جعجعةً ولاأرى طحنا
    دمت بخيرٍ وود أيها الرائع والسلام
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    الصورة الرمزية د. توفيق حلمي شاعر
    تاريخ التسجيل : Oct 2006
    المشاركات : 348
    المواضيع : 19
    الردود : 348
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي

    لن تستطيع قوى العالم أجمع أن توقف إيران من أن تكون القوة الكبرى في المنطقة بعد نجح الغرب في تحييد مركز القوة الأول وهو مصر.
    إيران تفرض تعرف تماماً قدرة أعدائها وتفهم موازين اللعبة الحقيقية وأن القوة المسلحة هي التي تفرض نفسها ولا غير ذلك في العصر الحديث. لسيطرتها على مضيق هرمز الذي يمكن أن يختنق العالم إذا اغلقته لتتوقف الإمدادان البترولية ، كذلك يتمثل ضعف أعدائها في عدم القدرة على تحمل خسائر بشرية في حرب مع إيران التي صمدت لسنوات طويلة أمام الجيش العراقي الذي دعمه العالم كله لتصفية الحكم في إيران بالدم العراقي.
    الحرب مع إيران ستكون شرسة والغرب لا يمكنه مواجهة الخسائر البشرية فيها وخاصة وهو مازال يواجه هذه الخسائر في العراق. تماماً مثلما خسرت إسرائيل الحرب مع حزب الله في لبنان فليس بمقدورها تحمل خسائر بشرية.الذي يتحمل خسائر بشرية هو الذي يجود بنفسه انتصاراً لمبدأ وعقيدة ، ولا يملك هذا إلا المسلمون.
    إيران تدرك قوتها وقوة خصومها ولن يوقفها أحد.

  4. #4
    الصورة الرمزية الصباح الخالدي قلم متميز
    تاريخ التسجيل : Dec 2005
    الدولة : InMyHome
    المشاركات : 5,766
    المواضيع : 83
    الردود : 5766
    المعدل اليومي : 0.86

    افتراضي

    تحليلك جميل لمن ستوجهها
    شكرا لك
    اللَّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَما صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهيمَ. إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ.

المواضيع المتشابهه

  1. كلماتي قبْضةٌ منْ شـؘتات...
    بواسطة حيدرة الحاج في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 19
    آخر مشاركة: 22-03-2016, 03:47 PM
  2. مجلس الأمن .. الباب المغلق : د . لطفي زغلول
    بواسطة لطفي زغلول في المنتدى الحِوَارُ السِّيَاسِيُّ العَرَبِيُّ
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 14-01-2011, 05:15 PM
  3. نريد العدل يا مجلس الأمن!
    بواسطة د. محمود محمد آل الشيخ في المنتدى الحِوَارُ السِّيَاسِيُّ العَرَبِيُّ
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 10-11-2006, 09:21 PM
  4. قبضة ابلال وسنابل / منذر بهاني
    بواسطة منذر بهاني في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 26-10-2006, 09:48 PM
  5. قرار مجلس الأمن 1701 والحرب القادمة
    بواسطة د . محمد أيوب في المنتدى الحِوَارُ السِّيَاسِيُّ العَرَبِيُّ
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 23-08-2006, 01:23 AM