|
أمَرُّ الدمْعِ أسْبقُهُ نُزولا |
و أرْواهُ الذي يجري سيولا |
و أصْدقُهُ الذي يصْدقْكَ حقّاً |
و أشفاهُ الذي يشفي غليلا |
يفيضُ من الحروفِ النُجْلِ شعراً |
فيروي في تدفّقهِ الطُلولا |
كمثلِ المُزْنِ بالأنواءِ تسري |
تسحُّ مُجلّلا ثجّا هَطولا |
و تسقي الضارعاتِ بكلّ قفرٍ |
و تغسلُ منهُ معصرةٌ هُجولا |
يهيمُ الحزنُ في حُجُراتِ قلبي |
كمثل العيس قد حملت حُمولا |
يهيمُ على سطورِ الآهِ نزفاً |
و قد زادت جراحُ الليلِ طولا |
فيمسحُ بالزهورِ الجُرْحَ يبكي |
و يزرعُ فوق وحشتهِ نخيلا |
يجسُّ بحسّهِ الشَهَقاتِ نزّتْ |
كما جسَّ الطبيبُ بها عليلا |
ترى الشَهَقاتِ في سَكَراتِ موتٍ |
تصارعُ في هوى الدنيا رحيلا |
تأوّهُ من مواجعِها و تَهْذي |
و قد حلّ السُقامُ بها حُلولا |
هي الأفراحُ في أحزانِ شعري |
جررْنَ لرقّيَ النائي ذُيولا |
فيا همسا قضى في الصخْبِ خنقاً |
و يا رمساً حوى منها ثَكولا |
ألا جوداعلى سطري بهمٍّ |
و دقّا خلفَ بهجتنا الطبولا |
ركبْنا للمصائِرِ عادياتٍ |
ضوامرَ مُستَحثَّاتٍ خيولا |
قصدنا فوقها الأقدار ضَبْحا |
مُحجّلةً لتُمْكِننا وُصولا |
و لكنّ المصائرَ و الأماني |
تَخذْنَ الريحَ مسرعةً رَعيلا |
تخذْنَ الحلمَ و اللاشيء دارا |
و هولَ الموتِ و الدأما خليلا |
ألا يا أمّةَ المليارِ سارتْ |
على الأهوالِ تلتمسُ السبيلا |
تضجُّ بقلبِها الخفقاتُ خوفاً |
لتخرجَ من مُقبِّلها عويلا |
ألا يا أمّتي إنّا مللْنا |
مذلاّتٍ نزلناها نُزولا |
مللْنا من سواقي الخزي شُرْبا |
مللْنا في مراتعها خُمولا |
مللْنا النومَ و الأحلامَ فُرْشا |
و أوهاما جررْناها كُبولا |
ألسْنا الأمّةَ الغرّاءَ فينا |
أقامَ المجدُ يعبُدُنا طويلا؟!! |
ألسْنا الأمّةَ الغرّاءَ فينا |
تضوّعَ عطْرُ عزّتنا قَبولا؟!! |
ففيمَ خضوعُنا للذلّ يبغي |
و يركبُنا إلى شطَطٍ ذَلولا؟!! |
خنوعٌ أم سكونٌ أم جنونٌ |
تملّكنا فحمّلنا ثقيلا؟!! |
أما و اللهِ إنّا قد رضينا |
بأن نغدو على الدنيا فُضولا |
و قد كنّا لها الزعماءَ دهراً |
نُأدّبُها إذا نَشَزتْ قليلا |
ألا هبّي فإنّ الداءَ أمسى |
يفتُّ بعضْدِ قوّتنا نُحولا |
ألا هُبّي إلى فعلٍ جليلٍ |
فإنّا بعدَ هذا لن نقولا |
فقد قُلْنا و ثرثرنا زماناً |
فما ردّت سفاسفُنا ذُحولا |
لدينا السيفُ في الأعناقِ يمضي |
يخلّفها و قد ذَبِلتْ ذُبولا |
و أشواقٌ حملناها شموساً |
و آمالق رفعناها نصولا |
بعثنا للنجومِ الغرِّ بعثا |
يبلّغُها بأن يكفي أُفولا |
و للأمجادِ في العلياءِ :ذلّي |
فقد عُدْنا لذروتِها فُحولا |
ألا إنّا إذا قُلْنا فعلْنا و ما ملْنا بأحرُفِنا فَتيلا |
فصبراً في مجالِ العزِّ قومي |
و نملكُها بحزمٍ سمهريٍّ |
يبدّدُ جمْعَ ذلّتِها فُلولا |
فما للجرْحِ غير الكيِّ يشفي |
و لستُ أرى لثورتنا بديلا |