|
إِيَّاكِ يَا عَيْنَيَّ أَنْ تَتَجَمَّلِي |
وَ اهْمِي سَحابَ الدَّمْعِ لَا تَتَعَطَّلِي |
أَبْكِي وَ مَا جَدْوَى البُكاءِ وَ قَدْ مَضَى |
زَمَنُ الحَنانِ وَ جَفَّ مَاءُ المَنْهَلِ ! |
لَنْ يَنْفَعَ الدَّمعُ الرَّخيصُ بِفَقْدِهَا |
فَانْزِفْ فُؤَاديَ مِنْ دِمَائِكَ وَ ابْذِلِ |
لَا تَرْفقِيْ بِي يَا هُمُومُ فَقَدْ عَوَى |
جُرحِي وَ عَضَّتْنِي النُّيُوبُ فَأَوْغِلِي |
قَدْ كُنْتِ بَاسِمَةً فَأَغْرَيْتِ الفَتَى |
وَ حَطَمْتِهِ , مِنْ بَعْدِ غَدْرِ تَبَدُّلِ |
وَ الْأَرْضُ قَدْ خُسِفَتْ بِرِجْلِيَ غَفْلَةً |
فَتَزَلْزَلِي غَضَبًا عَلَيَّ , وَ زَلْزِلِي |
وَ البَيْنُ هَشَّمَنِي عَلَى سِنْدَانِهِ |
فَلْتَطْرُقِيْنِي حَسْرَتِي , هَيَّا افْعَلِي |
إِيْهٍ عَلَى الَأَيَّامِ خَائِنَةِ المُنَى |
وَ مُنَايَ - يَا أُمَّاهُ - أَنتِ وَ مَوْئِلِي |
مِرْسَاةَ رُوْحِيَ , أَيْنَ بَعْدَكِ مَرْفَئِي ؟ |
يَا كَفَّ أُمِّي , أَيْنَ بَعْدَكَ سَاحِلِي ؟ |
أُمَّاهُ يَخذُلُنِي الكَلَامُ وَ لَيْسَ لِي |
مِنْ صَاحِبٍ إِلَّا نَحيبُ تَعَلُّلِي |
قَدْ صِرْتُ وَ الهَذَيَانِ صِنْوَيْ مَأْتَمٍ |
بِالْغَمِّ وَ القَهْرِ المُقِيْمِ مُسَرْبَلِ |
يَا أُمُّ فَقْدُكِ كَاجْتِثَاثِ حَشَاشَتِي |
مِنْ خَلْفِ ضِلْعٍ بِالنَّزِيْفِ مُجَنْدَلِ |
يَا أُمُّ خَلَّفَنِي غِيَابُكِ صَرْخَةً |
تَجْتَرُّ حُزْنًا فِي زَوَايا " المَنْزِلِ " |
لَا لَا تَظُنِّيْنِي - الحَيَاةَ - أَعِيْشُهَا |
إِنْ مِتِّ , مَوتُكِ يَا حَبِيْبَةُ مَقْتَلِي |
مَا انْفَكَّ يَحْصدُنِي احْتِضَارُكِ فِي يَدِيْ |
حَصْدَ السَّنَابِلِ تَحْتَ حَدِّ المِنْجَلِ |
وَ الإِصْبَعُ المَمْدُودُ يَشْهَدُ أَنَّ لَا |
رَبًّا سِوَى رَبِّ الَأَمِيْنِ المُرْسَلِ |
وَ شَهَادَتَا حَقٍّ بِثَغْرٍ صَائِمٍ |
قَبَّلْتُهُ وَ نَسِيْتُ أَنَّةَ مَفْصَلِي |
وَ يَدَانِ ضَارِعَتَانِ : ( يَا رَبَّاهُ أَنْ |
أَنْقِذْ وَلِيْدِيْ , وَ اسْتَجِبْ لِتَوَسُّلِي ) |
نُوْرٌ - وَ رَبِّيْ - فِي مُحَيَّاكِ احْتَوَى |
قَلْبِي وَ أَسْكَنَ بِالبَهَاءِ تَأَمُّلِي |
وَ المِسْكُ - يَا اللهُ - عِطْرُكِ عِنْدَمَا |
قَبَّلْتُ قَدَمَيْكِ ابْتِغَاءَ تَذَلُّلِي |
يَا أُمُّ , مَنْ لِيْ ؟ وَيْحَ عُمْرِيَ طَعْمُهُ |
فِي يَوْمِ فَقْدِكِ عَلْقَمٌ كَالحَنْظَلِ |
يَا نَارُ , هُبِّي فِي حَنَايَايَ اسْعَرَي |
إِنِّيْ هَشِيْمٌ , أَضْرِمِيْنِي , أَشْعِلِي |
أَذْوِيْ وَ يُوْقِدُنِي الحَنِيْنُ مُجَدَّدًا |
جَمْرًا عَلَى فَيْحِ اتِّقَادِي أَنْجَلِي |
أُمَّاهُ , يَا أُمَّاهُ , مَزَّقَنِي النَّوَى |
وَ الحَيْفُ أَذَّانِي بِنَصْلٍ فَيْصَلِ |
وَيْحِي - أَنَا - مِنْ ذِكْرَيَاتٍ هَدَّمَتْ |
أَرْكَانَ فِكْرِي تَحْتَ ضَرْبِ المِعْوَلِ |
مَا بَيْنَ ذِكْرَاكِ الَّتِي مَا فَارَقَتْ |
قَلْبِي , وَ بَيْنَ الحِلْمِ فَوْرَةُ مَرْجَلِ |
وَ الموتُ يَسلخُنِي وَ يَكْشطُ هَامَتِي |
وَ يَحُزُّنِي قَهْرٌ يُحَطِّمُ كَلْكَلِي |
فِي خَيْطِ مسْبَحَةٍ أَدُوْرُ كَحَبَّةٍ |
طَيْفًا عَلَى كَفٍّ هَمَى بِقُرُنْفُلِ |
قُرْآنُ أُمِّي يَا كِتابًا لَمْ يَزَلْ |
فِي رَاحَتَيْها فِي خِضَمِّ المَحْفَلِ |
فَاشْفَعْ لَهَا وَ اشْهَدْ بِأَنَّ عُيُونَها |
مَا فَارَقَتْكَ بِرَغْمِ هَوْلِ مُذْهِلِ |
أَرْجُوكَ , تَشْفَعُ يَا صِيَامُ فَإِنَّهَا |
رَحَلَتْ , وَ ثَغْرُ الصَّوْمِ لَمْ يَتَبَلَّلِ |
يَا رَبُّ جَاءَتْكَ الشَّهِيْدَةُ نُورُها |
يَسْري بِها , مِنْ خَلْفِ حَرْفِ تَبَتُّلِ |
فَارْفِقْ بِها الَّلهُمَّ , أَكْرِمْ نُزْلَها |
يَا رَبُّ يَمِّنْ , يَا إِلَهِيَ سَهِّلِ |
أُمَّاهُ إِنْ نَطَقَ الزَّمَانُ فَلَيْسَ مِنْ |
حَدَثٍ أَجَلُّ مِن افْتِقَادِكِ يَعْتَلي |
وَ يُحَمْحِمُ الوَجعُ الدَّفينُ بِأَضْلُعِي |
وَ يَؤُزُّنِي لَهَبُ الفراقِ بِمَعْزِلِي |
مَا غِبْتِ عَنِّي طَرْفَ رِمْشٍ فَاعْلَمِي |
أُمَّاهُ أَنَّكِ فِي ضَمِيْرِ تَحَمُّلِي |
وَيْلٌ لِقَلْبِي مِنْ حَرِيْقِ رَحِيْلِها |
مَا يَنْفَعُ الكُتَّانُ بَعْدَ المُخْمَلِ ؟ |
هَذَا دِثَارِي مِنْ لَهِيْبِ تَصَبُّرِي |
وَ صُنُوفُ قَهْرِي - فِي الرَّحِيْلِ - تَزَمُّلِي |
وَ اليومَ أَدْرَكْتُ الحَقِيْقَةَ , قَدْ مَضَى |
زَمَنُ التَّآلُفِ وَ الوِدَادِ الْأَوَّلِ |
قَلْبَانِ كُنَّا , قَدْ تَوَحَّدَ نَبْضُنُا |
يَا قَلْبُ مَاتَتْ , يَا عُرُوقِيَ , فَاذْبُلِي |