أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 11

الموضوع: عذراء ولكن ..! (قصة قصيرة )

  1. #1
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Jan 2008
    المشاركات : 22
    المواضيع : 5
    الردود : 22
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي عذراء ولكن ..! (قصة قصيرة )


    في ليلة مترفة بأوجاعها المتلاحقة تنهدت ونزلت بصمت حاملة معها حقيبتها الصغيرة. عند توقف السيارة أمام ناصية الشارع المؤدي للمنزل, خطت خطوات متعثرة وتاهت خطواتها هل تقصد المنزل أم لا؟
    اتكأت على الجدار تئن من ظلمة الليل وظلمة النفس, تنظر إلى الطريق وفي داخلها طريق سرمدي مظلم, الساعة تشير إلى العاشرة في شارعٍ تتحرش به الوحشة القاتلة, والمحلات بدأت تقفل أبوابها, وحفيف ورق الأشجار امتزج بصوت مزامير السيارات.. تتقدم قليلاً تراقب وجوه المارة في الشارع, تشاهد رجلاً وزوجته يبتسمون, تحسدهم على فرحتهم, وتتساءل كيف يبتسم الآخرون؟
    في لحظات فقدت فيها طعم الابتسام!, وغضات الألم تتدافع نحو حنجرتها المكلومة, وتكتم صرخات وشهقات مؤلمة تغلي في النفس, وأخيراً تلفظ بركانها الثائر في مقلتيها المتحجرتين.

    في الطريق همّت أن تلقي بنفسها تحت عجلات إحدى السيارات المارة, ثم تراجعت عن رأيها, وخطواتها المتثاقلة لم تستطع مواصلة المسير لترتمي جالسة على سياج إسمنتي لسور حديقة قريبة من منزلها تتسلل إليه أشعة الضوءالخافتة من مصباح علق في مقدمته ليلقي بظلاله عليها ويتوهج ببريق الدموع. الأفكار تتسابق والذكريات تتساءل: كيف تدور عقارب الساعة في الاتجاه المعاكس بهذه السرعة؟, قبل ساعة كانت من أسعد البشر وتجلس في كنف ضوءالشموع في إحدى المطاعم تتهامس معه وتهديه أرق مشاعرها وترسم أحلامها بصمت وتسرح في نظرات عينيه, لتفاجأ في السيارة باختناق الكلمات على شفتيه وعينيه اللتان لا يقدر على رفعهما حين قال لها: لقد عقدت قراني وسوف أتزوج بعد شهرين, لذلك سوف انهي علاقتنا هذه الليلة!
    ألجمتها الصاعقة وجعلتها تدور في فلك اللامعقول, إلى أن نطقت كلمة حائرة على شفتيها و" أنا " عندها نظر إليها نظرة ـ ويالها من نظرة ـ قاسية! وما أبلغ لغة العيون عندما تحكي مالا تستطيع آلاف الكلمات أن تصفه وتشرحه!
    قالت لها النظرة: أنتِ لا شيء, لا وجود لكِ في قاموس حياته, أنت دمية لا أكثر!
    وتتعاظم هذه الكلمات بداخلها وتتساءل.. لماذا يباغتها القدر في أحلامها؟ لماذا كل صديقاتها تزوجن وسعيدات في حياتهن سواها؟
    هل مكتوب عليها الحزن والمهانة والذل والانكسار؟ وكيف هو الانكسار على امرأة في ريعان شبابها وجمالها؟!
    وما أصعب السقوط في بحر لجيّ المعالم وما أصعب الخروج منه دون أن تصاب بالبلل, تتذكر أول مرة رأته فيها, كيف كان حفياً بها وكمن يقبل الأرض تحت رجليها, وعندما قال لها: أحبك.
    ألم يكن صادقاً معها ؟! وهو من نسجت حوله خيوط الأمل ورأته المخلص في حبه لها ممن عرفتهم من الشبان الذين ألقت بها الصدف في شباك تذاكرهم :أحمد, وفهد, وهاهو خالد.. كلهم يغرقون في بحر الرحيل لتبقى وحيدة مخلدة معها جيوشًا من الذكريات المريرة للحظات انكسار أنثى, وإهدار شموخها. تهب رياح على المكان وتضيء السماء ببرق وصوت الرعد يزمجر في الأرجاء؛ كأنه أتى ليشاركها غضبها في هذه الليلة.. وتنظر لخلفها في الحديقة إلى تلك الزهرات النائمة وقد بدت تبللها قطرات المطر..
    ثم تتذكر عندما مدّ لها زهرة, وقالت: هذه الزهور تموت في كل الفصول وتنتظر بشوق فصل الربيع لتنمو فيه وتزدهر وتفوح عطراً ..عمرها قصير ولكن عطرها أبقى ولا يزول.
    عندها بادرها قائلاً: كيف سيكون لليالينا عبير وأريج إن لم نسكب من عطر هذه الزهور بعض القطرات!
    اشتد البرق في المكان وبدأ ينهمر المطر عندها وقفت والألم يحمل خطاها متجهة للمنزل وشعاع ضوء ينبعث من الخلف يتبع خطواتها. تخطو بخطوات أكثر سرعة وثبات. تصل إلى المنزل والضوء لازال يتبعها. وعند عتبة الدار تنظر للخلف؛ لترى شعاع الضوء قوياً يخطف البصر!

    .................................................. .................................................. ...........................

  2. #2
    أديب
    تاريخ التسجيل : Apr 2006
    المشاركات : 9,079
    المواضيع : 101
    الردود : 9079
    المعدل اليومي : 1.38

    افتراضي

    العزيزة مها....

    اهلا بك في الواحة الخضراء..

    عذراء ولكن ..! عنوان بدأ بتعجبية استفاد منه النص الكثير ، لكون النص مليء باللحظات التاملية والتي تبرز فيها التساؤلات بصورة مدوية ، النص بدء بلحظة عاطفية ، ثم عرض وصفي تفصيلي، ثم مالبثت ان غاصت في العمق والاناة الداخلية التي منها تعرت الصورة من لغتها المشهدية لتصبح في حالة استعانة بالوعي من اجل اعطاء رؤية ناضجة عن الحالة هذه ، التي تبدأ بمعسول وتنتهي بصاعقة ، هي لحظات تتكرر ، والمشهد هذا غير جديد ، والصورة لاتكون دائما ترك من قبله هو ، بل احيانا تكون العملية عكسية ، تتركه هي من اجل مال او رغبة ، وهكذا تتلاطم الاحوال وتتشابك الرؤى ، وهي كلها تنصب في حانة واحدة وهي حانة موت الانسان في الانسان.

    دمت بخير
    محبتي لك
    جوتيار

  3. #3

  4. #4
    الصورة الرمزية ركاد خليل شاعرة
    تاريخ التسجيل : Oct 2006
    الدولة : فلسطين (أرض الرباط )
    المشاركات : 203
    المواضيع : 25
    الردود : 203
    المعدل اليومي : 0.03

    افتراضي

    الأخت المبدعة مها :
    قصة مبهرة ، وتعتبر بداية جيدة للسرد الروائي
    لك قلم مميز في البوح والإبداع قد ينقلك نقلة نوعية إلى دهاليز
    الروايات والمطولات
    لك كل التحية والإعجاب
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  5. #5
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Jan 2008
    المشاركات : 22
    المواضيع : 5
    الردود : 22
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    ..
    جوتيار تمر ..
    شكرًا لك أستاذي الكريم على قراءتك العميقة للقصة ..
    يسعدني رأيك , وأتشرف دائماً بملاحظاتك .
    وتقبل تحياتي



    .

  6. #6
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Jan 2008
    المشاركات : 22
    المواضيع : 5
    الردود : 22
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    ..
    أستاذي الفاضل ..محمد المختار
    شكراً لمرورك الكريم على متصفحي , يسعدني رأيك وأعتز به .
    ولك مني كل الود والورد

    .

  7. #7
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Jan 2008
    المشاركات : 22
    المواضيع : 5
    الردود : 22
    المعدل اليومي : 0.00

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ركاد خليل مشاهدة المشاركة
    الأخت المبدعة مها :
    قصة مبهرة ، وتعتبر بداية جيدة للسرد الروائي
    لك قلم مميز في البوح والإبداع قد ينقلك نقلة نوعية إلى دهاليز
    الروايات والمطولات
    لك كل التحية والإعجاب
    أستاذتي الفاضلة ..ركاد خليل .
    كلماتك تحملني على غيمة نشوة وفرح , وشهادة أعتز بها من أديبة قديرة .
    كوني دائما ً بالجوار ..
    وتقبلي مني أعذب التحيات .
    .

  8. #8
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.72

    افتراضي

    سرد قصي شائق الأسلوب تجلّت فيه مهارات الكاتبة الوصفية وقدرتها على رسم تفاصيل المشهد بتمكن
    الفكرة مستهلكة أضفى عليها أداء القاصة جمالية

    دمت بخير

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  9. #9

  10. #10
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 391
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.14

    افتراضي

    نص رائع سردا وبيانا وحبكة راق لي التواجد هنا ومتعة القراءة
    شكرا لك هذا الجمال الذي أعجز الحرف
    ومرحبا بك في واحتك
    تحية وتقدير
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. عذراء الشجن
    بواسطة ناجي العازمي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 18-06-2021, 12:46 PM
  2. كانت هنا عذراء
    بواسطة سعيد أبو حجر في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 8
    آخر مشاركة: 19-01-2020, 09:54 AM
  3. ليلة عذراء تغتصب..!!
    بواسطة رياض الرشايده في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 15-05-2019, 12:42 PM
  4. عذراء..ضائعة
    بواسطة جوتيار تمر في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 104
    آخر مشاركة: 26-11-2009, 08:18 PM
  5. عذراء في زمن البغايا (قصيدة للنقد)
    بواسطة تامر علي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 27-05-2007, 07:52 PM