[center]موت النهر[/center]
كان النهر يتلوي متألما ، تدخل له خاصرة هنا وتبرز له أخرى هناك ليمتص في كبرياء قساوة الطعنات التي أنهكته فكسا الاصفرار ماءه ، وغزا الجفاف جوانبه
و تجرأت الطحالب فطمعت في تمكين مستعمراتها على شفتيه ولم يجد ما يستر به هوانه فراح يحفر بين الصخور أخاديد عميقة ليندس في باطن الأرض بعد أن جرد من عنفوانه .
صار من الصعب سماع خرير مياهه من ضفتيه ،وكانت ألحانه مذ طفولتي قد حفرت في وجداني حقولا للإيقاع ، تمتد شلالات من نور وسنا؛ من إيحائها تفجر الحب، والأسى ، والحياة والإبداع .
ناديته: يا نهرنا يا راوي تاريخنا، ورفيق أجدادنا ، وساقي أعمارنا ما دهاك ؟ لم البين ولمن تتركنا؟ والى أين؟ انتظرت ردحا لأتلقى الجواب الحزين.
وجاءني الصدى ، يشكو العدى ، ويحمل أوجاع الردى: كرهت عداواتكم وأحقادكم ، وغباءكم و قذارتكم التي أفسدت مائي وهوائي، وجشعكم الذي نهب رمالي ؛ ودمر جمالي.
سممتم أسماكي وضفادعي ، وجففتم روافدي ومنابعي ، ولوثتم ضفافي وقطعتم شراييني فزادت مواجعي ، شكوت ظلمكم فقطعتم أصابعي، فوجدت أن بطن الأرض للعزيز إذا ذل خير حام ومانع.
عدت أدراجي أتوكأ على أحزاني وقلت: ألا عَبرَة للعزاء فعزت وبدأ العطش.
الضيف حمراوي 18/04/2008