أحدث المشاركات
النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: نقوش من دم على معابر مغلقة

  1. #1
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Dec 2004
    الدولة : USA
    المشاركات : 310
    المواضيع : 32
    الردود : 310
    المعدل اليومي : 0.04

    افتراضي نقوش من دم على معابر مغلقة

    نقوش من دم على معابر مغلقة

    شعر: مريم العموري


    على هوامش الحياة ترتمي مواجعي
    تئنُّ من خطى الذين يعبرونَ دونما أدنى اعتبارْ
    كأنّني محضُ غُبارْ
    تلفظني دروبهم إلى أذلِّ رُقْعَةٍ في الأرضِ
    حيثُ لا مكان في المكانِ.. لا عروقَ لا مَدارْ
    والجوُّ خائرٌ ينوشُه الصَّفَارْ
    ولا مدى سوى أنين البائسين من أقاربي
    في المُنتَفى..
    في خيمةٍ كأنها غِلالة الغياهبِ
    عشرونَ ألفاً؟!.. ربما..
    خمسون ألفاً؟.. ربما!
    فلم يعد للرَّقْم أيُّ قيمةٍ
    يزيدهُم من ماتَ في الهجير كلَّ غَمْضةٍ للشمسِ..
    كلَّ ومضَةٍ كذّابةٍ للانعتاقْ
    دفنتُهم في حفرةٍ وَاريتُ فيها والدي المفلوجَ، من زمان
    دفنتهم هناك حيث لا هناكَ بعدَهُ
    سوى جدار غائرٍ في القلبِ
    موغلٍ بلجّة السحائبِ العجافِ
    بالمواجعِ الدِّفاقْ..

    ***

    أنا الغريب في الفلا والشوك مهجعي المريع..
    ينهشني إذا استرحتُ بعد رحلةٍ من الأسى.. في غورهِ
    يعصُرني صبّارُهُ.. لقطرةٍ تسُدُّ جوعَ طفليَ الرضيعْ
    ***
    وزوجتي في نفْضَةِ الحُمّى تُغالب الَمنونْ
    أسمعُها تَأُوهُ ملءَ جرحها الهَتون :
    "أريدُ أن أموتَ في بلادنا"..
    تمدُّ لي في حرقة داليةَ العيون..
    "أريدُ أن أُدفَن في بلادنا!!"
    فأنحني.. أضمُّها
    أُملِّسُ الضفائرَ المغبّراتِ ..
    ألثمُ الندى
    وأتقي برعشِها من قسوةِ الوداعِ :
    "بُكْرةً نعود يا حبيبتي فهوّني عليكِ..
    بُكْرةً نعودْ"
    فتسكن الآلام من دوائيَ الخيالْ
    وتنبري سِكّينةٌ في خافقٍ ليسَ لمثله مناصْ
    تفرّقتْ دماؤه بين المعابرِ المغُلّقاتِ بالرصاصْ

    ***

    ناديتُ في المؤمِّلين رأفةً بحالهم من غلظة المآل
    ناديتهم بما تبقى في انتفاضة المشنوقْ:
    أوااااهُ يا مواكب المؤمِّلينَ.. المُرغَمينَ في شَتاتٍ كلُّه جدرانْ
    القفرُ من أمامكم
    والنارُ من ورائكم
    فأيُّ موجٍ بعدها ستركبون؟!..
    وأيُّ غربةٍ رمليّةِ الفجاج تسلكون؟!...
    ولا مدى سوى غبار ظِلِّكم
    تزيدُه قتامةً غِشاوةُ الطريقْ

    ***

    فهل ستكملون رحلة الغريقْ؟
    وهل تَشَبَّثونَ في لُجاجها.. بقَشّة الأحلام للشواطئ التي
    لَكَمْ..
    تَغضّنتْ آمالُها في الانتظارِ والدموعْ
    وابيَضَّ في عيونها قصائدُ الرجوعْ
    مسكينةٌ!!
    يا طالما أزجتْ رياحَ الشوق من منديلها
    ترفُّ كُرمى موعدٍ.. أو همسةٍ...
    من روحكم لروحها ..
    للوعة تضجُّ باحتمالها:
    "يا ليتَ!!..
    لو إيماءةً للغيبِ يا (غِيَّابُ)..
    لو إيماءةً للغيبِ!!.."
    لكن!!!..
    أيُّ أيُّ خيبةٍ تجيشُ في الضلوع!..

    ***

    واليومُ مثل الأمسِ زائرٌ ثقيلْ
    وخاليَ الوفاض ليس في يديهِ ما يرمُّ رَمْقَةَ العليلْ
    والموج ذا يجيء كل مرةٍ في القهرِ
    هائجاً، وحاملاً، سفائن الدخيلْ
    جنكيز موغِلٌ بصوته الأجشّ،
    يفزعُ الهواءَ والزمان
    يا هولَ ما رأى النهارُ في قتامةِ الدخان
    جنكيزُ عاتٍ ينفض الزيتون عن عباءة الثرى
    ليستريح تحت ظل غرقدٍ وشمعدانْ
    جنكيزُ قاتل جبانْ

    ***

    وربَّةُ السلام تستغيثُ، ترتجي قيامةَ الضمير
    لكنهُ المصلوب في الجدارْ
    ذاك الذي اعتلى المدى ليخنقَ الفَراش والنهار
    ويُغرِقَ السماءَ بالأسمنتِ، كي تضِلَّ زُرقةَ الديارْ
    فلا تعودُ -في غدٍ- لأهلها
    ولا تصيرُ غير منتهى الطيورِ كلّما تَصيّدَ الفناءُ عمرَها
    مخنوقةٌ محروقةٌ في أسرها.. تموءُ مع مشاهد الدماءْ
    فكل غيمها الحزينِ قد غدى منازل العزاءْ

    ***

    وربّة السلام لا تزال تستغيثُ تستغيثْ
    "إلى متى الدخان في مآذني يعيثْ ؟"
    ولا تزال في صمودها
    تخبّئُ المفَاتِحَ المعرّقاتِ بالضنى
    في عُبِّها للفاتح الكبيرْ
    تعرفهُ
    سيماهُ في جبينهِ
    محمّلاً بالنصر والآيات والتحريرْ

    ***

    أوّاهُ يا سليلةَ السماءِ
    يا عكّازة الزمانِ كلما اعتلته عنوةً دناءَةُ الإنسانْ
    يا قدس يا حمَّالة الأحزانْ
    ها هم بنوك اليومَ في خطى جنكيز يخطرونْ
    ويسحبونَ من دخان غِيِّهِ أنفاسَهم... ويَنْفُثونْ
    يستروِحون في عذابكِ الأليمِ .. يعصرونَ في مداكِ غيمَ ملحهم..
    يا حَيفَهم!!..

    ***

    هل كان غُنْجُ ودّهم إليكِ ذات محفَلٍ مجرّد افتعالْ؟!..
    وطلقة البارودِ في هوائنا
    والإصبعانِ ..
    والعَتادُ
    والمناجلُ الشِّدادُ..
    والوعودُ..
    والزعيم الرمزُ..
    كلُّ ذا..
    لِعْبٌ على الحِبالْ؟!..
    وكَذِبٌ في كَذِبٍ وقمّةُ احتيالْ!
    حتى إذا تمكَّنوا من حبْلكِ المُحالْ
    شدّوهُ حول الصدر والأنفاسِ والآمالْ
    وجَرْجروكِ في الشقاءِ – ويحهم –
    من مُشترٍ لمُشتر"ي"
    ومُفترٍ لمُفترِ"ي"
    وخائنٍ لأخونِ
    وإذ بهم يا قهرنا... أسدانُ الاحتلال
    يا كيف مُثّلوا لنا... وهم سِوى حُثال

    ***

    أَخْ يا بشرْ..
    ضنَّ الزمانُ بالزمانْ
    زمانِ من إذا دُعُوا لَبُّوا بلا توانْ
    ماذا أقولُ.. والرجا من غيره-سبحانَه- امتهانْ
    يا جرحُ..
    دعكَ في مواجعي
    وغُصَّ........
    غُصَّ........
    غُصَّ بالكِتمانْ
    فالموتُ كل الموتِ أن تُرى جَهارةً..
    ولم تُجِبْكَ نخوةُ الـْ..
    "إخوانْ"!!.

  2. #2
    أديب
    تاريخ التسجيل : Aug 2007
    الدولة : سيرتـا
    العمر : 46
    المشاركات : 3,845
    المواضيع : 82
    الردود : 3845
    المعدل اليومي : 0.63

    افتراضي

    المورقــة / مريــــم

    نص جميل جدا لامستُ فيه روحا متقدة ألما و حسرة على واقعنا المر .
    المعابر المغلقة هي معابر الصحوة فينا , فأي تعبئة هذه التي ستحرك مواتا فقدوا الحياة بجبنهم و خنوعهم و أي نداء هذا الذي سيهزنا حقيقة من وحل تخاذلنا ...

    النخوة تغط في نوم عميق و لكن آن لنا أن نستفيق و سنستفيق ...

    دمت بخير و نقاء ...

    اكليل من الزهر يغلف قلبك
    هشـــام
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  3. #3
    الصورة الرمزية لطفي الياسيني قلم فعال
    تاريخ التسجيل : Jun 2008
    الدولة : فلسطين القدس الشريف
    العمر : 87
    المشاركات : 1,919
    المواضيع : 197
    الردود : 1919
    المعدل اليومي : 0.33

    افتراضي

    الاستاذة الكبيرة الفاضلة الشاعرة السامقة مريم العموري
    اميرة المنابر الشعرية
    تحية الاسلام
    جزاك الله خيرا وبارك الله لك وعليك
    ان كل مفردات ثقافتي لا تفيك حقك
    من الشكر والتقدير
    لك مني عاطر التحية واطيب المنى
    دمت بحفظ المولى
    باحترام تلميذك
    ابي مازن

  4. #4
    شاعر
    تاريخ التسجيل : Sep 2008
    العمر : 39
    المشاركات : 280
    المواضيع : 12
    الردود : 280
    المعدل اليومي : 0.05

    افتراضي

    ما أوجعها وما أروعها ...المُبدعة مريم العموري ، قصيدتك الرائعة لم تُبق جُرحاً إلا نبشته ولم تُبق زيفاً إلا عرّته وكشفته... بمثل هذه القصائد يتعلّق المُتعبون المصلوبون على جدار خيانات الخائنين يُقاومون ويُقاومون ... الظُلمةَ بالنّور، الموتَ بالحياة واليأسَ بالأمل .... لله درّك من شاعرة قلّ مثيلها .... لك كُلّ المودّة والتّقدير وسعيدٌ جداً جداً بقلمك المُرهف الفاتن
    دُمتِ بخير

  5. #5
    الصورة الرمزية د. سمير العمري المؤسس
    مدير عام الملتقى
    رئيس رابطة الواحة الثقافية

    تاريخ التسجيل : Nov 2002
    الدولة : هنا بينكم
    العمر : 59
    المشاركات : 41,182
    المواضيع : 1126
    الردود : 41182
    المعدل اليومي : 5.27

    افتراضي

    يا لها من قصيدة هادرة بالشعر عامرة وبالشعور غامرة!

    هو نص سامق رصد بحس عال وبأسلوب مختلف حالا تستحث السؤال: إلى متى سيغمط المروءة الرجال؟؟

    أشكر لك هذا الشعر وهذا الشعور أيتها الشاعرة السامقة.

    أهلا ومرحبا بك في أفياء واحة الخير.



    تحياتي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  6. #6
    الصورة الرمزية محمود فرحان حمادي شاعر
    تاريخ التسجيل : Mar 2009
    الدولة : العراق
    العمر : 62
    المشاركات : 7,102
    المواضيع : 105
    الردود : 7102
    المعدل اليومي : 1.29

    افتراضي

    الشاعرة المتألقة مريم العموري
    يختال حرفك بكبرياء الإبداع وينساب شلالاً بهيا بخمائل الأدب الأصيل
    بورك بهاء هذا النبض الماتع الثائر
    تقبلي خالص الود والإعجاب
    ولمزيد من ثورة الحرف
    تحياتي

المواضيع المتشابهه

  1. دمٌ في السماء .. دمٌ في الطريق
    بواسطة حسن سلامة في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 9
    آخر مشاركة: 17-10-2020, 05:49 PM
  2. رؤية من زاوية مغلقة
    بواسطة سيد مرعي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 01-07-2020, 08:34 AM
  3. منطقة مغلقة
    بواسطة مازن لبابيدي في المنتدى نُصْرَةُ فِلِسْطِين وَالقُدْسِ
    مشاركات: 4
    آخر مشاركة: 09-12-2009, 02:34 PM
  4. دع الصناديق مغلقة
    بواسطة بثينة محمود في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 20-05-2007, 05:25 PM