أمر المدينة بات شئنا أم أبينا في خطر .
هذا بيان للخليقة كلّها , هل قد سمعتم مذ بُلينا باليهودِ بأرضنا , طاغوتَ شعبٍ يستقيلُ من الضلالةِ ناذرا لله نذرا أن يعيدَ إلى المدينة حقها , ويردَّها لسبيلها , حتى يُزيلَ عن المدينة ظلمَ محتلٍ بغى ؟
يا أمتي فلتنفضي عن كاهليك غبارَ ذلٍّ تقدرين على إزالة رجسه .
ما المسْـتَجَـدُّ من الحوادث يا عرب , يا مسلمين , يا أمة المستمسكين بالدين بالحبل المتين ؟
والقدس مذ ستين عاما , في حالها , محتلةُ شرقيةُ غربيةُ , فجميعُها مزجٌ من الطهرِ المعطرِ باليقين وبالأمل .
ما المستَّجَدُّ وتحتها الأنفاق تفتحُ طاقة في عزِّنا , في طهرِنا , في عِرضِنا قهرا , وتُغتصبُ الحبيبة , بينما الحذاق من قوم العجب , يتشدقون على عروش زائلة !
ما المُستَجدُّ وقبلة أولى لأمة أحمدٍ في كل آنٍ تستباحُ وغاية التلموذ زهقَ الدينِ والإيمان .
يا أمتي :
لا مهدنُا يُفضي إلى دنيا الحُلل , حتى ولا الأغلالُ تمنع عزّنا , فلتنظروا للقابضين على حِمَا جَمرٍ وقد أنهوا حياةَ اللهو بحثا عن هدى , هم عاكفون بمسجد المسرى وقد أبدوا الشهامة جهرة , فمتى يغار الصامتون , الحاكمون بلادنا وأمورنا ؟
عذرا ...
لا الأمر في أيدي الولاة حقيقة ؛ فولاتنا يا للمهانة قد أبرّوا فعلة الشيطان في غسق الدجى , جعلوا الحقيقة باطلا , أعطوا الأعاديَ مخرجا , من ورطة كانت لهم غُرما ودَم .
يا أمتي :
آلامُنَا بحّارُ يَعرُبِنا يُجيدُ سِبَاحَةً في موجها , لكنه يا للأسف , يخشى وعورَة عمقها , وإذا رأيته من بعيدٍ صارَ يرفعُ كفّه لكَ هاتفا , لكنه عن مَقرُبَة , يُلهيك كي يجثو بعيدا خائفا !
يا أمتي :
وكأن في الدنيا صياحٌ للزنابق مثل تغريد البلابل , فهي تشدو قائلة : القدس تهواكم يا أمة العرب , فمتى لحُرمتها تأتونَ بالغضبِ ؟
والقدس تسألُ في المساء وقد تحرّق دمعها , يا حاكما أرض الوقار أما سمعتَ بصرختي ؟
أقصاي في همٍّ كبيرْ , فكيف تترك نصرتي ؟
بل كيف لو أضحى رُكاما أو دمارا أو حطاما , من بعد صمتك أيها العرشُ المقيدُ بالترف ؟
هل سوف تغتنم الكثير ؟!
وتضلُّ أعْرَاقُ الكرامة حيّةً , أم تستحيلُ لحيةٍ هدريةٍ خدعت عيونَ اليَعرُبِ , ومشت وخُيــَّلَ أنها لحماية الحق اعتلت كرسِيَّها !
لا , كيف تيجانٌ وأسيافٌ ربَتْ من خيرِ ربِّ العالمين , ترضى بإمعان العدو نكاية بالمسلمين ؟!
هذا محالٌ أن يكون , أنا ذاهبٌ لعروشهم حتى أرى خبرا يقين , هل سحرٌ استهوى العيون , أم ذا اعتلالٌ في البصيرة واليقين ؟
في القدس حشد المبصرين .
إذ أنّ بعضا من حماة الطهرِ في الأقصى أتَوْ لا ماء لا زادٌ ولا حتى فِراشٍ أو غطاءٍ , هم ينعمون بدينهم وثباتهم , يترفعون عن الهوانِ , ويضربون العارَ ضربا ؛ بالحذاء و بالحجر , لو أنّ كلَّ الناسِ تفعلُ مثلهم , ما كانَ في الدنيا ثمينٌ يغتصب.
فمتى يروقُ ليعربي أن يركبوا خيل الجهاد , ويتركوا ذيل الهوانِ , ويرتعوا فوق الجبال ويلبسوا ثوب المنون ؟
وينفروا للذود عن قدس تعيشُ ظلام ليلٍ مستبد ,
فالقدس هل معنى القداسة يا أخي , أن نترك الأقصى يتيما ؟ أم أن نُغاظ إذا تعرض للهوان وتستثارَ عروقنا ؟
فالقدس كلمى والعرين مدنّسٌ من بعض إخوان القرود !
وهنا نقول مقالة لم يسبقنَّ بها بشر , القدسُ فوق الجاهلين , القدس فوق الكاذبين , القدس فوق العابثين , القدس فوق الغاصبين , والطهر فوق الحزب فوق الجاه فوق البدلة السوداء والصفراء والخضراء !
يا مسجدي , كلُّ الذين تحدثوا , لم يعلموا , أن القضية فوقَ ما يتصوروا !
فانظر لأحزاب التشتت والهوان , ماذا تقول ؟
وانظر لأشلاء التفرق والرجاء , تغدوا كأذيال الطبول .
وانظر معي , للأفق يكتب آية الإيمان في أجلى بهاء ؛ الله فوق الظالمين .
وغدا سينتصر الهدى , ستزول هيمنة العدا .
مع التحية الكاتب والشاعر الفلسطيني . محمد نسيم علي .