أحدث المشاركات
صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 10 من 13

الموضوع: انعاش

  1. #1
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Dec 2009
    الدولة : فى داخلى
    المشاركات : 42
    المواضيع : 12
    الردود : 42
    المعدل اليومي : 0.01

    انعاش

    كنت كلما سمعت الكلمة أجزئها الى جزأين "إن- عاش".
    وحينما أفقت من غيبوبتى الأخيرة -احدى غيبوبات السكر اللعين المتكررة- وجدتنى محاصرا بأياد كهربية رفيعة تلتصق أكفها بخلايا جسدى المدد على بساط ابيض ،تحتضننى غرفة ضيقة لالغو فيها عدا اهات نبضاتى من أعماق قلبى القابع خلف شاشة " المونيتور" وعاود الظهور مرة اخرى ذلك الطائر الخرافى يحلق فى فضاء الغرفة الضيقة ، يقترب منى راقصا ، تصاحبه موسيقى جنائزية كلاسيكية كانت اخر مالتقطته اذناى قبل ان اغوص فى دوامات اللاوعى. يعاودنى الشعور بان انفاسه لهب حارق يعتصر طبقات جلدى فيخرج منها ينابيعا من ملح بارد واستشعر -كلما دنا منى-انتزاع انفاسى وارتخاءات أطرافى وزحف ليلى على طاقتى النور فى رأسى ، رويدا رويدا تتضح بشاعة الطائر ،أغلق طاقتى النور فى رأسى فى محاولة للافلات من بشاعة اقترابه فاجدنى هائما عاريا أمام بيتى الريفى على أطراف قريتى البعيدة المنسية ، أهرول إلى حيث كنت اجلس تحت شجرة التوت الكبيرة ،أتفقد أشيائى التى تركتها على منضدتى الصغيرة ...فنجان قهوتى النصف ممتلئ ،قصيدتى التى لم تنتهى ،جريدة المساء التى لم أقرأها وعلبة سجائرى الرخيصة . أقترب من أشيائى ، أحاول ان ألملمها ..تأتينى من بعيد تلك الموسيقى الجنائزية الكلاسيكية ، احتضن أشيائى بقوة ،انطلق كالممسوس إلى داخل البيت ،ارتمى وأشيائى فى احضان زوجتى وطفلتى الصغيرة ،تحاصرنى الموسيقى الجنائزية واجد الطائر الخرافى يقبض على رأسى بمخالبه الحادة ،يجتذبنى وهو فى طريقه للصعود ، تتشبث بى زوجتى وطفلتى ،نتغرس مخالبه فى عنقى كلما حاول الصعود ،تنبت من أشيائى أياد طويلة تلتف حولى ، تجتذبنى إلى الأسفل ..أكاد أتمزق بين مخالب الطائر وأيادى زوجتى وطفلتى وأشيائى فتنفلت من حنجرتى اهة مدوية ينفتح بعدها باب الحجرة الضيقة ،يلطمنى جناحا ملائكيا عدة لطمات أفتح عينى أجدها ممرضة شابة بثوب أزرق باهت طبعت على صدره بخط واضح "انعاش" ،أراها فى ذاكرتى مجزأة "ان-عاش".
    تعيد الممرضة بعض الأسلاك المتصلة بجسدى إلى موضعها ، تقبض على معصمى بجناحها الملائكى وتركز نظرها على "المونيتور" للحظات . بعدها تنظر إلى وهى تبتسم قائلة
    -الحمد لله ربنا كتب لك عمر جديد .
    أتامل الغرفة ،أبحث عن ذلك الطائر الخرافى لاأجده أستلذ بدقات قلبى المنتظمة فتسرى فى عروقى نشوة البقاء فأبادلها الابتسامة.

  2. #2
    الصورة الرمزية مازن لبابيدي شاعر
    هيئة تحرير المجلة

    تاريخ التسجيل : Mar 2008
    الدولة : أبو ظبي
    العمر : 64
    المشاركات : 8,888
    المواضيع : 157
    الردود : 8888
    المعدل اليومي : 1.51

    افتراضي

    أخي القاص المبدع هيثم عبد ربه السيد
    تحية أولاً ومرحباً بك في الرابطة الخضراء أديباً وأخاً .
    هذه قصة قصيرة تدل على كاتب متمكن يتقن استخدام المفردات وتوظيفها في حبكة متلاحقة تأخذ القارئ مدهوشاً بالوصف والتشبيهات البديعة والسوريالية أحياناً والإيحاءات القوية . ولكوني طبيباً أقول أنك أجدت بحق تصوير حالة ما قبل السبات السكري (الغيبوبة) بأسلوب أدبي رفيع .
    أرى أخي أنك بكرت في طرح الفكرة الهامة المدهشة في تقسيم كلمة إنعاش في بداية النص دون حاجة وكان يكفي أن تفاجئ بها القارئ في الجزء الأخير ولكانت أقوى تأثيراً .
    اللغة راقية جداً وتمنيت لو أنك حليتها بالتشكيل .
    تقديري البالغ لهذا الأدب الرفيع وتحيتي لك .

    د.مازن لبابيدي
    يا شام إني والأقدار مبرمة /// ما لي سواك قبيل الموت منقلب

  3. #3
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Dec 2009
    الدولة : فى داخلى
    المشاركات : 42
    المواضيع : 12
    الردود : 42
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    شكرا الطبيب الشاعر
    شكرا لرقيق الكلم
    شكرا لطيب المرور
    دام مدادك ودمت شاعرا

  4. #4
    الصورة الرمزية د. مصطفى عراقي شاعر
    في ذمة الله

    تاريخ التسجيل : May 2006
    الدولة : محارة شوق
    العمر : 64
    المشاركات : 3,523
    المواضيع : 160
    الردود : 3523
    المعدل اليومي : 0.54

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هيثم عبدربه السيد مشاهدة المشاركة
    كنت كلما سمعت الكلمة أجزئها الى جزأين "إن- عاش".
    وحينما أفقت من غيبوبتى الأخيرة -احدى غيبوبات السكر اللعين المتكررة- وجدتنى محاصرا بأياد كهربية رفيعة تلتصق أكفها بخلايا جسدى المدد على بساط ابيض ،تحتضننى غرفة ضيقة لالغو فيها عدا اهات نحليق الطائر الخرافي نبضاتى من أعماق قلبى القابع خلف شاشة " المونيتور" وعاود الظهور مرة اخرى ذلك الطائر الخرافى يحلق فى فضاء الغرفة الضيقة ، يقترب منى راقصا ، تصاحبه موسيقى جنائزية كلاسيكية كانت اخر مالتقطته اذناى قبل ان اغوص فى دوامات اللاوعى. يعاودنى الشعور بان انفاسه لهب حارق يعتصر طبقات جلدى فيخرج منها ينابيعا من ملح بارد واستشعر -كلما دنا منى-انتزاع انفاسى وارتخاءات أطرافى وزحف ليلى على طاقتى النور فى رأسى ، رويدا رويدا تتضح بشاعة الطائر ،أغلق طاقتى النور فى رأسى فى محاولة للافلات من بشاعة اقترابه فاجدنى هائما عاريا أمام بيتى الريفى على أطراف قريتى البعيدة المنسية ، أهرول إلى حيث كنت اجلس تحت شجرة التوت الكبيرة ،أتفقد أشيائى التى تركتها على منضدتى الصغيرة ...فنجان قهوتى النصف ممتلئ ،قصيدتى التى لم تنتهى ،جريدة المساء التى لم أقرأها وعلبة سجائرى الرخيصة . أقترب من أشيائى ، أحاول ان ألملمها ..تأتينى من بعيد تلك الموسيقى الجنائزية الكلاسيكية ، احتضن أشيائى بقوة ،انطلق كالممسوس إلى داخل البيت ،ارتمى وأشيائى فى احضان زوجتى وطفلتى الصغيرة ،تحاصرنى الموسيقى الجنائزية واجد الطائر الخرافى يقبض على رأسى بمخالبه الحادة ،يجتذبنى وهو فى طريقه للصعود ، تتشبث بى زوجتى وطفلتى ،نتغرس مخالبه فى عنقى كلما حاول الصعود ،تنبت من أشيائى أياد طويلة تلتف حولى ، تجتذبنى إلى الأسفل ..أكاد أتمزق بين مخالب الطائر وأيادى زوجتى وطفلتى وأشيائى فتنفلت من حنجرتى اهة مدوية ينفتح بعدها باب الحجرة الضيقة ،يلطمنى جناحا ملائكيا عدة لطمات أفتح عينى أجدها ممرضة شابة بثوب أزرق باهت طبعت على صدره بخط واضح "انعاش" ،أراها فى ذاكرتى مجزأة "ان-عاش".
    تعيد الممرضة بعض الأسلاك المتصلة بجسدى إلى موضعها ، تقبض على معصمى بجناحها الملائكى وتركز نظرها على "المونيتور" للحظات . بعدها تنظر إلى وهى تبتسم قائلة
    -الحمد لله ربنا كتب لك عمر جديد .
    أتامل الغرفة ،أبحث عن ذلك الطائر الخرافى لاأجده أستلذ بدقات قلبى المنتظمة فتسرى فى عروقى نشوة البقاء فأبادلها الابتسامة.

    وكذلك يا أديبنا الصادق السامق سرت في عروقنا روعة السرد المشحون بأجواء الأسطورة (بين مخالب الطائر الخرافي وحنوّ الجناح الملائكي) ودقة الواقع بين الأسلاك في الحجرة الضيقة موظفا أدوات القص بمهارة وإتقان
    الصوت (موسيقى جنائزية كلاسيكية ) موسيقا تصويرية تتسق مع الحدث
    واللون (زرقة ثوب الممرضة ) الذي يوحي بالصفاء والسماوية
    والحركة ( تحليق الطائر واللطمات) التي تضفي الحيوية على اللوحة القصصية النابضة

    وكم أعجبني توظيف فن السيناريو في هذا المقطع الكاشف عن طبيعة الشخصية :
    ...فنجان قهوتى النصف ممتلئ ،قصيدتى التى لم تنتهى ،جريدة المساء التى لم أقرأها وعلبة سجائرى الرخيصة .


    وأتفق مع رأي أخي الفاضل الدكتور مازن في المقدمة وكنت أوثر أن يكون التمهيد بتجزيء كلمة أخرى غير (إنعاش)



    ولك الشكر خالصا والودّ صافيا
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي ولريشة الغالية أهداب الشكر الجميل

  5. #5
    الصورة الرمزية نبيل مصيلحى قلم نشيط
    تاريخ التسجيل : Jun 2006
    الدولة : مصر
    العمر : 68
    المشاركات : 536
    المواضيع : 28
    الردود : 536
    المعدل اليومي : 0.08

    افتراضي

    هكذا التواجد المشرف بين الأحبة كتَّاب الواحة ..

    يالها من غيبوبة أخذت بطلك إلى عالم آخر ..
    من الضيق والتوتر والألم ..
    عالم رسمته بقدرة فائقة ..
    حتى آتى هذا الملاك بأجنحته لينقده من التعثر بيني الحياة والموت ..
    دمت مبدعاً رائعاً يا هيثم ..
    خالص ودي
    نبيل مصيلحي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    للتواصل على حساب فيس بوك .. https://www.facebook.com/nabil.moselhy

  6. #6
    قلم منتسب
    تاريخ التسجيل : Dec 2009
    الدولة : فى داخلى
    المشاركات : 42
    المواضيع : 12
    الردود : 42
    المعدل اليومي : 0.01

    افتراضي

    الاستاذ الأب نبيل مصيلحى عذرا على عدم تواجدى بكثرة فى الواحة وتأخرى فى الرد على قلمكم المبدع ...شكرا جزيلا لمروركم الكريم النبيل ....ودام قلم سيادتكم مبدعا متألقا

  7. #7
    شاعرة
    تاريخ التسجيل : Jan 2010
    الدولة : على أرض العروبة
    المشاركات : 34,923
    المواضيع : 293
    الردود : 34923
    المعدل اليومي : 6.71

    افتراضي


    سرد قصي بديع بلغة قوية مريحة للقارئ وتوظيف للوصف بمهارة ليرسم مؤثرات خلفية المشهد وعناصره، وبإيحاءات مدروسة وتعريج ذكي على مؤشرات الشخصية منحت المتلقي تصورا شاملا للمشهد بشخصيته الرئيسة وما حولها ليعايش الحدث بتصاعد وتيرته مشاركا في حسه

    أهلا بك ايها الكرمي في واحتك

    تحاياي
    تستطيع أن ترى الصورة بحجمها الطبيعي بعد الضغط عليها

  8. #8
    الصورة الرمزية لانا عبد الستار أديبة
    تاريخ التسجيل : Nov 2012
    العمر : 53
    المشاركات : 2,496
    المواضيع : 10
    الردود : 2496
    المعدل اليومي : 0.60

    افتراضي

    أنت كاتب رائع
    واسلوبك اعجبني
    والقصة رائعة

    أشكرك

  9. #9
    الصورة الرمزية آمال المصري عضو الإدارة العليا
    أمينة سر الإدارة
    أديبة

    تاريخ التسجيل : Jul 2008
    الدولة : Egypt
    المشاركات : 23,786
    المواضيع : 392
    الردود : 23786
    المعدل اليومي : 4.13

    افتراضي

    عشنا معك أجواء الإنعاش والتي لايجيد تصويرها بتلك الدقة إلا من اقتربت منه
    نص رائع البيان والتصاوير بديع الفكرة
    بوركت واليراع المبدعة أديبنا الفاضل
    ومرحبا بك في واحتك
    تحاياي
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

  10. #10

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة