أحدث المشاركات

سألوني: لمَ لم أرثِ أبى ؟» بقلم هشام النجار » آخر مشاركة: أسيل أحمد »»»»» غار النصر في غزة» بقلم احمد المعطي » آخر مشاركة: غلام الله بن صالح »»»»» أمات العربُ؟» بقلم غلام الله بن صالح » آخر مشاركة: غلام الله بن صالح »»»»» مختارات في حب اليمن» بقلم محمد نعمان الحكيمي » آخر مشاركة: أسيل أحمد »»»»» نظرات في رِسَالَةٌ فِي الصُّوفِيَّةِ وَالْفُقَرَاءِ» بقلم اسلام رضا » آخر مشاركة: اسلام رضا »»»»» برق الخاطر ... قسم جديد لأعضاء واحة الخير» بقلم د. سمير العمري » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» الثعبان الأقرع يداهمني في المنام بقلمي» بقلم بوشعيب محمد » آخر مشاركة: بوشعيب محمد »»»»» بعض الحزن موت وبعضه ميلاد.» بقلم ناديه محمد الجابي » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» الغاية لا تبرر الوسيلة» بقلم جلال دشيشة » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»» رواية قنابل الثقوب السوداء .. مسلسلة. التالي» بقلم إبراهيم أمين مؤمن مصطفى ح » آخر مشاركة: ناديه محمد الجابي »»»»»

النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: بين أحضان صفورية

  1. #1
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2002
    الدولة : فلسطين
    المشاركات : 547
    المواضيع : 112
    الردود : 547
    المعدل اليومي : 0.07

    افتراضي بين أحضان صفورية

    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    صفورية عام 1931 / محمد أمين بشر " صفورية تاريخ ، حضارة وتراث ج 1 . ص 128 "
    يحدثنا المؤرخ محمد أمين بشر في كتابه " صفورية تاريخ ، حضارة وتراث " عن بلده صفورية حديثا يجعلك ترى كل بقعة في صفورية رأي العين ، ولكن حين تكون جارا لصفورية وكما يقال " خبط العصا " أو تكون صفورية على مرمى حجر منك لا تشعر باكتفاء من حديث المؤرخ محمد أمين بشر ، تريد أكثر من السرد والتأريخ ، تريد معاينة المكان ، فأنت تعرفه حق المعرفة ، وليست صفورية غريبة عنك حين تذكر .
    قال صاحبي : مر أسبوعان منذ سفرنا إلى السجرة ، كأنك تراجعت عن مشروع الزعتر والمناقيش والهليون .
    قلت : لا لم أتراجع ، ولكن الحياة تشغلنا أحيانا وتأخذنا مما نحن فيه .
    قال : الطقس اليوم يكاد يكون صيفيا ، فإلى أي اتجاه سنمضي ؟؟ .
    قلت : جارتنا صفورية ، سنمضي إليها فلها حق الزيارة علينا .
    **********
    ركبنا السيارة وانطلقنا ، خرجنا من القرية باتجاه الجنوب ، وتظهر في جهة الشرق مستعمرة " هار يونا " التي قعدت على جبل سيخ ، ومحت آثاره التي كانت مسرحا للعين ، وكان لوزنا وزيتوننا ينتصب في أعلى قمة جبل سيخ ، وتعود الذاكرة سنوات قليلة ( 1996 ) يوم بدأوا بقلع اللوز والزيتون ، كان أبي أطال الله عمره قبل ذلك التاريخ كل يوم يصلي الفجر في المسجد ثم يفطر ما تيسر وينطلق صاعدا إلى الجبل ، يضع عكازه على كتفيه ويلف يديه حول العكاز ، ويعود من الجبل ظهرا ، ليعاود الصعود عصرا والعودة مساء ، وكانت القرية كلها تتحدث عنه وما زالت .
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    من اليمين اللوز ومن اليسار الزيتون ربيع 1994ـ تصوير الكاتب
    وكانت الأرض تجود بالخير ، فالزراعة الصيفية لم تكن تمر سنة دون زراعة ، كالبامية واللوبياء وغيرها :
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    يحوشون البامية صيف 1994 تصوير الكاتب
    ومنذ اقتلعوا اللوز والزيتون ، بدأ المرض بزيارة الوالد أطال الله عمره ومتعه بالعافية والصحة ، حتى لكأنهم في اقتلاعهم اللوز والزيتون قد اقتلعوا من صدره شيئا ، فانقلبت حاله بعدها ، وتتفاءل قليلا حين ترى مستوطنة ( هار يونا ) بقوله تعالى ( على شفا جرف هار ) وتعقد مقارنة بين ( هار العبرية = جبل ) وبين ( هار القرآنية ) وتبتسم في سرك ، وتردد وحدك قوله تعالى ( ويسألونك متى هو ، قل عسى أن يكون قريبا ) ، وتذكر " عيون جنان " تلك العيون التي كنت تملأ الماء منها لتسقي اللوز صيفا ، وكنت تسبح فيها ، والمزارع الذي كان يمتلك الأرض هناك والتوت والرمان ، والآن لا أثر لـ " عيون جنان " سوى الصورة :
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    منظر " عيون جنان " في جبل سيخ / محمد أمين بشر " صفورية تاريخ ، حضارة وتراث ج 1 . ص 75 "
    تصل الدوار قبل قرية الرينة ، حيث الشارع النازل من ( نتسيرت عيليت ) و ( هار يونا ) صوب الغرب مرورا بصفورية ، والذي التهم من الأرض مساحة كبيرة في تلك المنطقة ، وتتذكر أن مكان الشارع حيث الدوار صعودا جهة الشرق ، كان أرضا لأهالي الرينة يفلحونها ، واليوم قسمت الأرض إلى شمال الشارع وجنوبي الشارع .
    وانعطفنا غربا ، وسرنا في الطريق المنحدرة ، وما زلنا حتى وصلنا مدخلا فرعيا إلى الوعر من جهة الشمال ، دخلنا فيه وتابعنا ، وعلى الجانبين ينتصب الزيتون ، وبعده تظهر أرض خلاء بلا شجر ، لكن الربيع كساها بلونه ، وتطل على صفورية من جهة الشرق ، وتمتد الأراضي أمام العين ، وكل مارس من الموارس بلونه ، فهذا يموج الزرع فيه بلونه الأخضر ، وبجانبه مارس مشجر بالزيتون ، وبجانبه مارس محروث ليزرع صيفيا ، وتلك بقعة جرداء تنتشر فيها الصخور .
    أوقفت السيارة ونزلت وصاحبي ، وأنزلنا القهوة والماء ، وسرنا حتى وجدنا مساحة خضراء كالبساط فجلسنا .
    في هذا الجو وهذا المحيط لا بد لك أن تنسجم مع الطبيعة حولك ، فالهدوء شامل لا يكسره سوى الطير بألحانها الشجية ، ويأتي من البعيد صوت شاة أو عنْزة أو بقرة ، فالمراعي في تلك المنطقة متيسرة ، جو متناغم يخرجك من ضجيج الحياة حتى في القرية ، التي أصبحت لا تختلف عن المدينة .
    تجيل الطرف في الجهات حولك ، ففي الجنوب تظهر الناصرة وحي الصفافرة الذي يتوسد التلة ، وفي الشرق ما زالت مستوطنة ( هار يونا ) بأبنيتها الحديثة الغريبة عن الأرض والناس تجثم على جبل سيخ ، تحس أنها نشاز في المكان ، واحساسك لا تدري سببه ، أو ربما تدري ، وفي الغرب تظهر صفورية أو بالأصح أطلالها ، فصفورية أصبحت أثرا بعد عين ، فقد طُرد أهلها منها عام 1948 ، ولم يهربوا كما يحلو للبعض أن يردد عن أغلب سكان البلاد عام 1948 ، تركز النظر في بقعة كانت حتى عهد قريب تسمى " مغارة بَسِّيم " وتتذكر أنك كنت تصيد الحمام والورش في داخلها ، هذه البقعة أصبحت منطقة سياحية مسيجة ، تأتي إليها الحافلات محملة بالسياح من أقاصي الأرض ، وخلف تلك البقعة ما زالت قلعة ظاهر العمر رابضة على رأس الهضبة ، وتعود الذاكرة إلى أيام قرأت فيها سيرة ظاهر العمر ، وكيف صوره من كتب سيرته ، والتي تجدها في نفسك عكس ما يحاولون غرسه في الناس ، فلم يكن ظاهر العمر سوى خارج على الدولة العثمانية ، متآمر عليها ، تتذكر هذا كله وتتنهد حسرة وألما ، حيث تدرك أن القائد الذي أرسل لقمع تمرد ظاهر العمر أطلقوا عليه لقب " الجزار " وما هو بجزار .
    يصب صاحبي القهوة ، ونرتشف مع سيجارة عربية بماركتها الغربية ، فقد أصبحت السجائر جاهزة مع جهاز لتعبئة التبغ فيها ؛ قلت لصاحبي بعد ارتشاف القهوة ، وهو ما زال يجول ببصره في الجهات المحيطة :
    ـ ماذا مع الزعتر ؟؟
    ـ اصبر قليلا فالجو دافئ ، والجلوس في العراء غنيمة هذه الأيام ، فربما غدا يكون مطر .
    ـ الراصد الجوي يقول غدا كاليوم .
    ـ ههههههههه ، الراصد الجوي ؟؟ وهل تصدق هذا ؟؟
    ـ ولماذا لا أصدق ؟؟ ثم أنا أعني راصدي أنا وليس راصدهم .. فالفلاحون كانوا يعرفون الطقس كيف يكون كل يوم من أيام السنة ، وحتى من رائحة التراب كانوا يستدلون على حالة الطقس .
    قمنا لقطف الزعتر ، وتجولنا في المنطقة ، لكن لا زعتر حيث نحن ، سوى أبيات قليلة لا تسمن ولا تغني من جوع ، فقلت لصاحبي :
    ـ أرى أننا أخفقنا اليوم ، فلا زعتر هنا .
    ـ قلت لك من البداية ونحن في السيارة هنا لا يوجد زعتر ، لكنك أبيت ، فالزعتر هناك حيث الخزان ، هناك الزعتر وليس هنا .
    ـ حسنا يا صاحبي ، لن نتشاجر من أجل عيون الزعتر ، تعال نمض إلى مكان آخر ، فخير الله كثير ولا ينضب .
    ـ إلى أين ، لقد قارب وقت العصر .
    ـ سنذهب من داخل صفورية شمالا ، فقد بلغني أنه يوجد هناك زعتر .
    ـ لا تلمني إن عدنا بخفي حنين هذا اليوم ، لقد أخبرتك عن مكان الزعتر ، وأنت لم تسمع كلامي .
    ـ يا صاحبي ، حتى لو لم نجد زعترا ، فقد تمتعنا برحلة .
    ركبنا السيارة ، وعدنا حتى الشارع الرئيسي ، ثم اتجهنا غربا حتى مدخل صفورية ، وما إن تنعطف السيارة براكبها هناك حتى يرى العشب يغطي مجرى ماء القسطل ، وهذا المجرى يشتهر بنبات الحميض ، الذي يكثر قطفه في بداية الربيع لطبخه مع اللوف ، فهو موصوف ، أوقفنا السيارة حتى نشرب من القسطل ، والوقت عصرا ، قلنا نتوضأ ونصلي في المكان ثم نتابع ، وجلسنا هناك ما يقارب الساعة ، ورحت أتأمل القسطل كما قرأت عنه وكما هو واقع أمامي وقلت في نفسي :
    لقد تغير القسطل يا أستاذ محمد أمين عما أخبرتنا عنه :
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    عين القسطل والنساء يغسلن الصوف / محمد أمين بشر " صفورية تاريخ ، حضارة وتراث . ج 1 ص 75 "
    فلا نساء يغسلن الصوف على القسطل ، أين استقر المقام بأهل القسطل ؟؟ ، وهل سيعودون يوما ما إلى القسطل ؟؟ .
    انطلقنا إلى داخل صفورية ، حيث تستقبلك في مدخلها بوابة تفتح فتعبر السيارة ، وتغلق فينغلق الشارع ، وتابعنا الطريق ، حيث تظهر على الجانب حظائر البقر الذي يربى للحليب ، ومررنا بآثار عربية على جانب الطريق ما زالت قائمة تأبى الزوال ، كأنها تتحدى وتنتظر عودة من غابوا عنها ، وما زلنا حتى خرجنا من صفورية ، حيث نبات الصبار " الصبر " يمتد على طول الطريق هناك ، والصبر ثمره معروف ، وحلاوته كالعسل ، فما بالك حين يكون من صبر صفورية ، والصبر ينطبق على ثمره قول الشاعر قديما :
    تريدين اِدْراكَ المعالي رخيصة ولا بد دون الشهد من إبر النحل

    فكوز الصبر يحتوي على الشهد داخله ، لكنه في نفس الوقت مغطى بالشوك " إبر النحل " مع فارق التشبيه ، ومما قلت في ثمار الصبر :
    وللصبر أكواز تروق لناظر
    وفي جوفها شهد ألذ من الشهد
    ولكنما الأشواك قامت كحارس
    ومن رام قطفا دون حرز ففي جهد
    ستطعنه الأشواك حتى ترده
    عليلا ويشكو طعنة الشوك في الجلد

    قطعنا الطريق حيث الصبر وتابعنا ، وعلى الجانب الأيسر بدا السهل بزرعه يموج مع نسائم العصر ، وعلى الجانب الأيمن فوق التلة بدت القلعة شامخة رغم مرور الدهر وصروفه عليها :
    نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
    منظر عام لقرية صفورية ما قبل الشتات وتظهر القلعة في أعلى البلدة / صفورية تاريخ ، حضارة وتراث ج 2 . ص 67
    وظهرت على يمين القلعة حيث ننظر مدرسة الراهبات ، ودير حنة حيث ولدت السيدة مريم العذراء عليها وعلى ابنها السلام ، وهي المكان الوحيد في صفورية الذي تجد اللغة العربية ما زالت تعيش فيه حتى يومنا ، وتذكر أنك زرت الدير منذ زمن بعيد وتفحصت الأعمدة في باحته وتجولت داخله أكثر من مرة .
    تابعنا السير حتى خرجنا إلى الشارع الرئيسي المحاذي لمشروع المياه القطري ، حيث يمتد سهل البطوف خلفه على مد البصر زاهيا بخضرته وتربته ، وما زلنا حتى وصلنا إلى طريق جانبي فدخلنا فيه ، وكانت الشمس حينها قد شارفت على الغياب ، فقال صاحبي وقد رأى ما جرى :
    ـ لقد أضعت علينا اليوم زعترا كثيرا ، وسنعود بخفي حنين .
    ـ لا بأس في ذلك ، فإن عدنا بلا زعتر فقد ربحنا جولة في أحضان صفورية ، أليست جولتنا ممتعة ؟؟ .
    ـ بلى ممتعة ، ولكننا لم نأت للتجول ، لقد جئنا لقطف الزعتر ، وها نحن بلا زعتر ، ولا يحزنون .
    ـ هنا في السفح يوجد زعتر ، وشومر ، سنجمع ما نستطيع قبل أن تسقط الشمس ، هيا بنا .
    نزلنا من السيارة ، وبدأنا نبحث عن الزعتر ، لكن الغروب حلَّ علينا ، وعوضنا ذلك بقليل من الشومر ، وانطلقنا عائدين ، وحين وصلنا مدخل مصنع فينيسيا الذي لا يختلف عن " هار يونا " في التهام أراضي القرية ، كان صوت أذان المغرب يصدح من جميع مآذن القرى المحيطة بنا ، ورحنا نردد مع المؤذن ، حتى انتهى الأذان ، حينها كنا قد دخلنا القرية من جهة الشمال ، بعد أن طفنا بين ربوع صفورية ، وعدنا بلا زعتر .

  2. #2
    عضو غير مفعل
    تاريخ التسجيل : Dec 2002
    الدولة : مصر
    المشاركات : 2,694
    المواضيع : 78
    الردود : 2694
    المعدل اليومي : 0.35

    افتراضي




    وهنا اجدنى اقرأ وارى ابداع آخر
    ابداع لا يأتى الا قلم لا يعرف الا التميز طريقا

    شكرا على هذا الموضوع الاكثر من رائع

    وفى انتظار المزيد منك بكل الحب
    لك تحياتى ,,, وباقة ياسمين



المواضيع المتشابهه

  1. بين أحضان العيد
    بواسطة حسين إبراهيم الشافعي في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 23-05-2020, 01:28 AM
  2. بين أحضان الانبساط
    بواسطة محمد الطيب الحواط في المنتدى القِصَّةُ وَالمَسْرَحِيَّةُ
    مشاركات: 12
    آخر مشاركة: 03-06-2013, 11:13 AM
  3. أحضان ٌ دافئة
    بواسطة لميس الحريري في المنتدى فِي مِحْرَابِ الشِّعْرِ
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 17-08-2011, 05:47 AM
  4. في أحضان الحرم...
    بواسطة اشرف نبوي في المنتدى النَّثْرُ الأَدَبِيُّ
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 28-10-2005, 08:58 PM
  5. رحلة نقدية في أحضان مي
    بواسطة الخيزُران في المنتدى النَّقْدُ الأَدَبِي وَالدِّرَاسَاتُ النَّقْدِيَّةُ
    مشاركات: 10
    آخر مشاركة: 01-08-2003, 06:15 PM