كما في كل مواضيعي:
1- تمهل في قراءتك ليتسنى لك فهم الموضوع ومن ثم سهولة تحديد الأفكار والنقاط المشار إليها .
2- لا تخجل من السؤال وإن تبحث بنفسك عما يشغل تفكيرك فهو خير لك فلا حياء في الدين وأجرك فيما تسعى إليه .
3- لا تتردد في التعليق على ما تقرأه فإن كان نقداً فشكراً لك وإن كان تعليلاً وزيادة في التوضيح فقد عمتنا الفائدة جميعاً .
--- الموضوع ---
كثر ما نسمع عن الجهاد في سبيل الله، كما يشغل بالنا الجهاد دائما حين سماع هذه الكلمات ونتناسا الباقي (في سبيل الله)، عندما نقول في سبيل فلان فهذا يعني لأجل فلان ولسببه بغض النظر عن لصالح من أو لماذا، لأن (في سبيل) تعني كامل الخضوع واليقين بأن المراد حدوثه (خصوصا لله تعالى) صحيح وتام ولا حاجة لتبريره للعيان حيث يسهل تفسيره.
الجهاد في حقيقة الأمر هو عمل (من أسمى الأعمال) كسائر الأعمال في سبيل الله، فعندما نسمع الجهاد في سبيل الله كأننا نسمع العمل في سبيل الله ولكنها تخصص الجهاد ولا يعني هذا نفي أو تقليل حجم الأعمال الصالحة الأخرى، فلا تقل في زمن انقضى فيه القتال وانتهت فيه الحروب خال من الجهاد في سبيل الله وإنما قل كل عمل في سبيل الله يكسبك الأجر ويعتبر جهاداً فالجهاد في سبيل الله يعني بذل الجهد وتوفير الوقت لله سبحانه، نعم فلا تبحث عن المعارك في ساحات القتال فإنك لا تدرك كثرة ما وفره لك التاريخ من العمل (الجهاد) في سبيل الله.
إن من أبسط الأمور المتعلقة بالعمل في سبيل الله هو العمل الذي يكسبك مبلغا ماديا من المال ويتيح لك العيش في عصر يتطلب منك الكثير من الوقت لتشبع متطلبات المعيشة كما في قوله تعالى: { وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } التوبة 105 ، والأسهل من ذلك هو التعلم فما تقرؤه وتدرسه يعتبر عملا في سبيل الله كما في حديث الرسول (ص) في حثه على طلب العلم حتى وإن كان بعيدا (وكل شيء قريب منا في هذا العصر بوجود شبكة الإنترنت فالحمد والشكر لله على نعمه)، فالعمل بالشيء يعني القيام به، القراءة لا تتطلب منك مجهودا جسديا ولكن المجهود الفكري لا يزال عملا من الأعمال في سبيل الله .
يجب على العمل في سبيل الله أن يكون في ما يرضي الله وأن يكون خالصا لوجه الله، الشرط الأول يسهل تحديده فبابي الحلال والحرام واضحان ونحن خُلقنا على العمل الصالح بالفطرة، الشرط الثاني هو ما يصعب على المرء التفريق فيه، فكثير من الناس يدخلون في باب النفاق وهم لا يشعرون حتى بذلك أو قد لا تكون لديهم دراية بالأمر فأسبابهم لفعل هذه الأعمال الصالحة تكاد تفوق وتطغى على سبب عمله في سبيل الله، تحقق الشرطان أمر ضروري لقبول العمل في سبيل الله من قبل الله سبحانه.
بعد تحقق الشرطان للعمل في سبيل الله علينا أن ندرك أن هنالك الكثير لنقوم به في سبيل الله ومن هذه الأعمال في سبيل الله كما يلي بعض منها:
1- التسبيح والذكر في سبيل الله
2- الصدقة في سبيل الله (بجميع أنواعها من أعمال صالحة، تبسمك في وجه أخيك، وغيرها من الأعمال ويا لكثرتها)
3- النصح في سبيل الله (كثير ما ننصح لحبنا في النصح وليس رغبة في سبيل الله، فاحذر!)
4- قراءة القرآن وكل ما يتعلق بدين الإسلام في سبيل الله
5- قراءة العلوم المفيدة بمختلف مجالاتها في سبيل الله
6- تعليم الغير وحثهم على ما هو مفيد في سبيل الله
7- السعي في سبيل الله (وهو التيقض والبحث المتواصل عن الأوقات في سبيل الله)
8- الكلام في سبيل الله (وهو تحفظ اللسان على الإكثار في قول ما هو في سبيل الله)
9- التواضع في سبيل الله (وهو التواضع الدائم والخضوع التام لوجودك مع الله في جميع الأوقات ولقرب قلبك لله دون سواه)
لا تحسب أن الله في حاجة أن يقوم العبد بالعمل الصالح ولا تحسب أن القيام به ضروري أو إن لم تقم به فلن يقوم به غيرك أو أنه مفروض عليك فكل ذلك يحد من فائدة القيام به، إنما يجب عليك فعله لله وكسب رضاه ونيل الأجر عند الله وإستزادة في الحسنات التي تمحوا السيئات وعدم النسيان بأن الحسنة بعشر أمثالها، قم بأعمالك الصالحة لأنك رغبت في فعلها في سبيل الله .
يروي لنا الله عز وجل في كتابه عن هؤلاء : { إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلا شُكُوراً } سورة الإنسان – آية رقم 9
على المؤمن النظر في يومه ومراجعة أعماله ومحاسبة نفسه يومياً، لا تدع الأمس يؤثر في عمل اليوم وإنس الأخطاء فإنها ابتلاء من الله وعلم ينتفع به، تذكر دائماً ما يجعلك فرحاً من أعمالك الماضية وإجعلها دافعاً لك وراحة لنفسك للإستمرار على الطريق الصحيح . قال تعالى في كتابه: { الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ } سورة الملك – آية رقم 2
الشعور براحة النفس عند قيامك بعمل صالح أمر طبيعي وإصرارك على القيام بالخير يكمن في تكويننا على الفطرة، وهنالك درجات في الإصرار كما في قوله تعالى : { وَمِن النَّاسِ مَن يَشْرِى نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤوفُ بِالْعِبَادِ } سورة البقرة – آية رقم 207
قد جعل الله لعباده السعادة التامة في تكوينهم على فعل العمل الصالح فرضاهم وحبهم لهذه الأعمال نابع من حبهم لله ورضى الله سبحانه، هذا الشعور الذي لا يوصف بلذة أخرى .
يصف الله مدى حب الذين آمنوا له في القرآن الكريم: { وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ } سورة البقرة – آية رقم 165
فماذا ننتظر يا أحبتي في الله ؟ فلننطلق في سبيل الله .